تغريدات الشيخ موسى بن راشد العازمي - حفظه الله
Musa_al3azmi@
السِّيرَةِ النَّبَويِّة
 
 

 
 
1 تزوج عبدالله بن عبدالمطلب بآمنة بنت وهب . حملت آمنة من عبدالله . تُوفي عبدالله وآمنة حامل بشهرين بمولودها .
   
2 خلَّف عبدالله ميراثاً لولده الذي لم يُولد ٥ من الإبل ، وقطعة غنم ، وجارية حبشية إسمها بركة ، وهي أم أيمن .
   
3 في يوم الإثنين ١٢ ربيع الأول من عام الفيل ولدت آمنة بنت وهب مولودها .
   
4 لم يثبت أن ظهر شيئ لآمنة حينما ولد رسول الله ﷺ . في يوم سابعه ﷺ ختنه جده عبدالمطلب ، وسمَّاه محمد ﷺ .
   
5 أرضعت آمنة ولدها محمد ﷺ  ٣ أيام وكانت قليلة الحليب ، ثم أرضعته ثُويبة مولاة أبي لهب حليب ابنها مسروح .
   
6 كانت ثُويبة أرضعت قبل رسول الله ﷺ  حمزة بن عبدالمطلب . وأبي سلمة بن عبدالأسد .
   
7 أرضعت حليمة السعدية رسول الله ﷺ مع أولادها : عبدالله ، الشيماء ، أنيسة .
   
8 لرسول الله ٧ إخوة من الرضاعة : حمزة ، أبوسلمة ، أبوسفيان ، مسروح ، عبدالله ، الشيماء ، أنيسة ، ولم يكن له إخوة لا من أبيه ولا أمه .
   
9 وقع حادث شق الصدر لرسول الله ﷺ وهو عند حليمة السعدية . شق جبريل صدره وأخرج قلبه وغسله بماء زمزم وأخرج العلقة السوداء .
   
10 ثم ختم جبريل ظهر رسول الله بخاتم النبوة ، فليس للشيطان عليه سبيل ، وأصبح معصوماً ﷺ بأقواله وأفعاله .
   
11 خاتم النبوة هو عبارة عن لحمة زائدة في ظهر رسول الله ﷺ بإزاء قلبه ، حجمها حجم بيضة الحمامة .
   
12 رجع رسول الله ﷺ إلى أمه آمنة بعد أن أكمل سنتين عند حليمة السعدية . تُوفيت آمنة وعمر رسول الله ٦ سنوات .
   
13 كفل عبدالمطلب رسول الله ﷺ بعد وفاة أمه آمنة . تُوفي عبدالمطلب لما بلغ رسول الله ٨ سنوات .
   
14 كفله أبوطالب عم رسول الله بعد وفاة جده عبدالمطلب . رعى رسول الله ﷺ الغنم . شهد رسول الله حرب الفجار .
   
15 شهد رسول الله ﷺ حلف الفُضُول . خرج رسول الله في تجارة خديجة مع غلامها ميسرة . تزوج رسول الله ﷺ خديجة .
   
16 كان عمر رسول الله ﷺ ٢٥ وعمر خديجة ٤٠ . رُزق رسول الله من خديجة : القاسم ،  زينب ، رُقية ، أم كلثوم ، فاطمة ، عبدالله.
   
17 شهد رسول الله بناء الكعبة على يد قريش وعمره ٣٥ . اتفقت قريش على جعل رسول الله ﷺ يضع الحجر الأسود في مكانه .
   
18 حفظ الله رسول ﷺ من أدران الجاهلية : فلم يسجد لصنم ، ولا شرب خمراً ، ولا أتى فاحشة .
   
19 كان رسول الله ﷺ معروفاً بالصدق والأمانة ، وصولاً للرحم ، وبكل خلق كريم .
   
20 لما بلغ رسول الله ٤٠ سنة بدأت تلوح عليه آثار النبوة: الرؤيا الصالحة في النوم ، الخلوة ،تسليم الحجر والشجر ، رؤيته نور الملائكة .
   
21 لما بلغ رسول الله ٤٠ سنة نزل عليه الوحي بسورة إقرأ وهو في غار حراء . وهي أول مانزل من القرآن ، أطبق على ذلك العلماء .
   
22 فتر الوحي بعد نزول اقرأ أياماً . نزل الوحي بعد ذلك بسورة المدثر . وهي أول مانزل من القرآن بعد فتور الوحي .
   
23 تنقسم الدعوة في حياته ﷺ إلى : ١- مكية  ٢- مدنية  المكية تنقسم إلى :  ١- سرية  ٢- جهرية .
   
24 بدأ رسول الله يدعوا إلى الله سراً ، فأسلم أهل بيته زوجته خديجة وبناته ، وعلي وزيد بن حارثة .
   
25 ثم خرج رسول الله يدعوا سراً من يثق به من خارج بيته فأسلم أبي بكر الصديق . بدأ الناس يتسامعون بدعوة النبي ﷺ .
   
26 سارع الفقراء والمساكين في الدخول في الإسلام . مرت ٣ سنوات على الدعوة السرية فأسلم عدد لا بأس به من الأوائل .
   
27 بعد ذلك نزل قوله تعالى بالصدع بالدعوة على رسول الله ﷺ . قال تعالى : " فاصدع بما تُؤمر وأعرض عن المشركين ".
   
28 صعد رسول الله ﷺ جبل الصفا ، وصدع للناس بدعوته . أخبرهم أنه رسول الله ﷺ للعالمين .
   
29 أول ردة فعل لقريش من دعوة رسول الله ﷺ أن أرسلوا وفداً لعمه أبي طالب ليمنع رسول الله ﷺ عن دعوته .
   
30 لم تُجد محاولة قريش في وساطة أبي طالب ليمنع ابن أخيه رسول الله ﷺ . أرسلوا الوليد بن المغيرة ليعرض على رسول الله أموراً .
   
31 حاور الوليد بن المغيرة رسول الله ﷺ ، فقرأ عليه رسول الله ﷺ القرآن فتأثر تأثراً كبيراً .
   
32 رجع الوليد إلى قريش ، نصحهم بإتباع رسول الله ﷺ ، أو تركه يدعوا في العرب . رفضوا رأيه ، فوصف الوليد رسول الله ﷺ بالساحر .
   
33 نزل في الوليد بن المغيرة آيات من سورة المدثر تبشره بالنار ، قال تعالى : " ذرني ومن خلقت وحيدا ..." .
   
34 أسلم عبدالله بن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنه في هذه الفترة ، فصار مؤذن الإسلام بعد بلال رضي الله عنه .
   
35 أساليب قريش في محاربة الدعوة :  ١- إثارة الشبهات حول القرآن.  ٢- معارضة القرآن .  ٣- مساومات .
   
36 لم تُفلح قريش في مناقشتها مع رسول الله ﷺ . فكرت قريش بأسلوب آخر وهو : تعذيب من أسلم ، وكانت فتنة شديدة على الصحابة .
   
37 حمى الله رسوله ﷺ بعمه أبي طالب . أشد من عُذب من الصحابة على الإطلاق هو خباب بن الأرت رضي الله عنه .
   
38 قام أبوبكر الصديق رضي الله عنه بعمل جليل وهو : شراء العبيد من الصحابة واعتاقهم ، منهم : بلال ، عامر بن فُهيرة .
   
39 بدأت قريش بعمل جديد وهو : الإستهزاء بالنبي ﷺ  . ومن المستهزئين : الأسود بن عبد يغوث ، الأسود بن المطلب وغيرهم .
   
40 استمرت قريش في إيذائها لمن آمن ، واشتدت الفتنة على الصحابة ، فأذن لهم رسول الله بالهجرة إلى الحبشة .
   
41 خرجت مجموعة مباركة من الصحابة ١١ رجل و ٤ نسوة متوجهين إلى الحبشة في أول هجرة في الإسلام .
   
42 من بين من خرج في هذه الهجرة الأولى إلى الحبشة عثمان بن عفان وزوجته رُقية ، وكان أميرهم عثمان بن مظعون .
   
43 حديث : " إنهما - أي عثمان ورُقية بنت رسول الله ﷺ أول من هاجر بعد لوط وإبراهيم ." رواه الحاكم وهو ضعيف .
   
44 نزلت سورة النجم ، وقرأها رسول الله ﷺ بصوت عال عند الكعبة ، ولما وصل إلى السجدة سجد ، وسجد معه المشركون من عظمة الآيات .
   
45 وصل خبر سجود كفار قريش لمهاجري الحبشة مشوهاً ، وهو أن أهل مكة أسلموا ، فرجع عدد منهم إلى مكة .
   
46 أسلم حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ، وبعده أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقَوِيَ أمر الإسلام بهما .
   
47 لم يثبت شي في كيفية إسلام عمر بن الخطاب . قصته الشهيرة عندما ضرب أخته ...إلخ . أخرجها ابن إسحاق بدون إسناد .
   
48 بدأت قريش تستخدم أسلوب آخر وجديد مع النبي ﷺ ، وهو : الإغراء بالمال والنساء والملك ، ويكف عن دعوته .
   
49 أرسلت قريش عتبة بن ربيعة ليُفاوض رسول الله ﷺ على هذه الإغراءات . رفض رسول الله ﷺ ذلك جملة وتفصيلاً .
   
50 تعنتت قريش بعد ذلك وطلبت من رسول الله ﷺ المعجزات ، رُؤية الملائكة ، وجري الأنهار ...إلخ .
 
   
51 عادت قريش مرة أخرى بالتنكيل والإضطهاد لمن آمن خاصة الفقراء . أذن رسول الله ﷺ لأصحابه بالهجرة الثانية إلى الحبشة .
   
52 عدد مهاجري الحبشة الثانية ٨٢ رجلاً و ١٨ امرأة . كان أميرهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه .
   
53 كانت الهجرة الثانية إلى الحبشة أشق من سابقتها ، ولقي المسلمون من قريش تعنيفاً شديداً ، ونالوهم بالأذى .
   
54 في طريق الهجرة إلى الحبشة الثانية نهشة خالد بن حزام رضي الله عنه حيَّة فمات في الطريق .
   
55 لما رأت قريش أن أمر الإسلام في إنتشار رهيب إجتمعت على قرار جائر وظالم ، وهو : كتابة صحيفة بمقاطعة بني هاشم وبني المطلب.
   
56 معنى المقاطعة لا يشتري منهم أحد ، ولا يبيعهم أحد ، ولا يُجالسون ، ولا يُخالطون ، ولا يُتزوج منهم ، ولا يُزوجهم أحد .
   
57 تجمع بني عبدالمطلب وبني هاشم في شعب ، فسُمي بشعب أبي طالب . ظلت هذه المقاطعة ٣ سنوات .
   
58 اشتد الأمر على مَن كان في شعب أبي طالب ، الجوع والعطش ، حتى ماكانوا يجدون مايأكلون .
   
59 في فترة المقاطعة وُلِد حَبْر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس رضي الله عنها في الشعب . 
   
60 استطاع نفر من قريش ممن كانوا مُتعاطفين مع مَن في الشعب أن يدخلوا الكعبة ويُمزقوا هذه الصحيفة الجائرة .
   
61 تُوفي أبوطالب عم النبي ﷺ بعد مقاطعة قريش . عرض عليه رسول الله ﷺ كلمة التوحيد وهو في نزعه الأخير ولم يُقدر الله له ذلك .
   
62 مات أبوطالب على الكفر ، وحَزُن عليه رسول الله ﷺ على عمِّه ، وقال : " لأستغفرنَّ لك مالم أُنه عن ذلك ".
   
63 نزل قوله تعالى في سورة التوبة ينهى نبيَّه والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا من أقرب الناس .
   
64 قال تعالى : " ماكان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولي قُربى من بعد ماتبين لهم أنهم أصحاب الجحيم "
   
65 قال رسول الله ﷺ : " أهون أهل النار عذاباً أبوطالب ، وهو مُنتعل بنعلين يغلي منهما دماغه ".  رواه مسلم.
   
66 تُوفيت خديجة بنت خُويلد رضي الله عنها بعد أبي طالب ، ودُفنت في الحجون في مقابر مكة ولم تكن صلاة الجنازة شُرعت إذ ذاك .
   
67 قال جبريل لرسول الله ﷺ : " بشِّر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ".  متفق عليه .
   
68 قال جبريل لرسول الله ﷺ : " هذه خديجة قد أتتك ، فإذا هي أتتك فأقرأها السلام من رَبِّها ومِنِّي ". متفق عليه .
   
69 حزن رسول الله ﷺ على وفاة عمِّه أبي طالب ، وزوجته خديجة . ولم يثبت أنه ﷺ سَمَّى هذا العام بعام الحزن .
   
70 عقد رسول الله ﷺ على عائشة رضي الله عنها بعد وفاة خديجة رضي الله عنها ، وكانت أول زوجة عقد عليها بعد خديجة .
   
71 عقد رسول الله ﷺ على سَودة بنت زَمعة رضي الله عنها ، وهي أول امرأة دخل بها رسول الله ﷺ بعد خديجة .
   
72 انفردت سودة رضي الله عنها بالنبي ﷺ ثلاث سنوات تقريباً ، وكانت من أشد الناس تمسكاً بأمر النبي ﷺ .
   
73 اشتدت قريش بالأذى على النبي ﷺ بعد وفاة أبي طالب ، فتجرأ عليه السفهاء ، وما كان في حياة أبي طالب يتجرأ عليه أحد .
   
74 قال رسول ﷺ : " مانالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب ".  رواه البيهقي في دلائل النبوة بإسناد صحيح .
   
75 أُلقي على رسول الله ﷺ سلا الجزور - وهي المشيمة - ووطئ عقبة بن أبي معيط قبَّحه الله على عنق النبي ﷺ وهو ساجد.
   
76 حاول أبوجهل لعنه الله بزعمه أن يطئ عُنُق النبي ﷺ إذا سجد ، فحمى الله نبيِّه ﷺ .
   
77 قال رسول الله ﷺ : " لقد أُوذيت في الله ، وما يُؤذى أحد ، وأُخفتُ في الله ، وما يُخاف أحد ". رواه ابن ماجه .
   
78 استأذن أبي بكر الصديق رسول الله ﷺ بالهجرة إلى الحبشة بسبب شدة البلاء في مكة ، فأذن له النبي ﷺ .
   
79 خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه متوجهاً للحبشة ، فلما وصل إلى منطقة بِرك الغِماد لقية رجل يُقال له : ابن الدُّغُنَّة .
   
80 ابن الدُّغُنَّة سيد قبيلة القارة ، فأجار أبوبكر الصديق ، وقال له : ارجع فاعبد ربك في مكة . فلم تُنكر قريش .
   
81 ضاقت قريش ذرعاً بجوار ابن الدُّغُنَّة لأبي بكر الصديق ، لأن أبا بكر الصديق أخذ يجهر بالقرآن .
   
82 قال ابن الدُّغُنَّة لأبي بكر الصديق : أن لا يجهر بالقرآن ، فرفض أبو بكر ، ورد جوار ابن الدُّغُنَّة ، وبقي أبوبكر بمكة .
   
83 اشتد الأمر على النبي ﷺ بمكة ، فخرج إلى الطائف ماشياً على قدميه ، يدعوهم إلى الإسلام .
   
84 كان استقبال أهل الطائف للنبي ﷺ الضرب بالحجارة ، خاصة على أقدامه الشريفتين حتى نزل الدم منهما .
   
85 خرج رسول الله ﷺ من الطائف مهموماً على وجهه ، فلم يستفق إلا وهو في قرن المنازل .
   
86 نزل جبريل عليه السلام ومعه مَلَك الجبال على رسول الله ﷺ يُخيره بهلاك مكة ، أو يصبر ، فاختار الصبر .
   
87 رجع رسول الله ﷺ إلى مكة ، ودخلها بجوار المطعم بن عَدِي .
   
88 جاءت حادثة الإسراء والمعراج تثبيتاً وتكريماً لرسول الله ﷺ في أعقاب سنين طويلة من الدعوة .
   
89 ذكر الله تعالى قصة الإسراء في سورة الإسراء ، وذكر سبحانه قصة المعراج في سورة النجم .
   
90 تعتبر رحلة الإسراء والمعراج من أعظم معجزات النبي ﷺ ، التي أكرم الله بها نبيَّه ﷺ .
   
91 قِصّتها تمَّت في أقل مِن ليلة . خرج رسول الله بعد صلاة العشاء ورجع قبل الفجر . فعلاً معجزة لا يستطيع أحد أن يتخيَّلها .
   
92 بدأت هذه الرحلة عندما جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله ليخرج به من بيته في مكة إلى الكعبة .
   
93 عند الكعبة شق جبريل عليه السلام صدر رسول الله وأخرج قلبه وغسله بماء زمزم وملأه إيماناً وحكمة ثم رده وخاط صدره الشريف .
   
94 ثم ركب رسول الله البُراق - وهي دابة - معه جبريل عليه السلام . ماهي إلا لحظات حتى وصل رسول الله مع جبريل إلى المسجد الأقصى .
   
95 فلما دخل رسول الله المسجد الأقصى مع جبريل عليه السلام وجد أمراً عظيماً . أحيا الله له جميع الأنبياء والمرسلين .
   
96 عدد الأنبياء ١٢٤ ألف نبي . أما عدد المرسلين ٣١٥ . جاء ذلك في حديث أبي ذر رضي الله عنه الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه .
   
97 فلما دخل رسول الله مع جبريل المسجد الأقصى أُقيمت الصلاة ، فقدَّم جبريل رسول الله ليكون إماماً في الصلاة بأئمة الخلق .
   
98 أي مكانة ومنزلة لرسول الله أن يكون إماماً بأئمة الخلق عليهم الصلاة والسلام .
   
99 فلما فرغ رسول الله من صلاته بالأنبياء والمرسلين جيئ بالمعراج - وهو سُلَّم - لكن لا يعلم شكله وقدره إلا الله سبحانه .
   
100 ركب رسول الله مع جبريل المعراج فإذا هي لحظات فوصل إلى السماء الدنيا . ففُتح لهما ورأى رسول الله من أحوالها الشي العجيب .
 
   
101 رأى رسول الله في السماء الدنيا أبو البشر آدم عليه السلام . ورأى حال أكلة أموال اليتامى ظلماً والعياذ بالله 
   
102 ورأى رسول الله في السماء الدنيا : حال المغتابين ، وحال الزُناة ، وحال أكلة الربا . نعوذ بالله من هذه الأعمال .
   
103 ثم صعد رسول الله مع جبريل إلى السماء الثانية فرأى فيها : ابني الخالة يحيى بن زكريا ، وعيسى بن مريم عليها السلام .
   
104 ثم صعد رسول الله مع جبريل إلى السماء الثالثة ، فرأى فيها : يوسف عليه السلام . قال رسول الله عنه : " أعطي شطر الحُسن ".
   
105 ثم صعد رسول الله مع جبريل عليه السلام إلى السماء الرابعة ، فرأى فيها : إدريس عليه السلام .
   
106 ثم صعد رسول الله مع جبريل عليه السلام إلى السماء الخامسة ، فرأى : هارون عليه السلام .
   
107 ثم صعد رسول الله مع جبريل عليه السلام إلى السماء السادسة ، فرأى فيها : موسى عليه السلام .
   
108 ثم صعد رسول الله مع جبريل عليه السلام إلى السماء السابعة ، فرأى فيها . أبو الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام .
   
109 قال إبراهيم عليه السلام لرسول الله : " أقْرِئ أُمتك مني السلام ، وأخبرهم أن الجنة طيبة التُربة عذبة الماء …
   
110 وأن غراسها : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ".
   
111 بعد مافرغ رسول الله من لقائه بأبيه إبراهيم عليه السلام .دخل مع جبريل عليه السلام الجنة ، ورأى فيها مشاهد كثيرة .
   
112 رأى رسول الله في الجنة : ١- قصر لعمر بن الخطاب . ٢- ورأى جارية لزيد بن حارثة . فأخبرهما بذلك . ٣- ورأى نهر الكوثر .
   
113 ٤- ورأي رسول الله النار يحطم بعضها بعضاً نعوذ بالله منها ، وأجارنا منها . ٥- ورأى مالك خازن النار عليه السلام .
   
114 ثم ذهب جبريل عليه السلام برسول الله إلى أطراف السماء السابعة ، ثم توقف جبريل عليه السلام ، وقال لرسول الله :
   
115 يامحمد تقدَّم ، فوالله لو تقدمت خطوة واحدة لاحترقت ". فتقدم رسول الله ، ووصل إلى موضع لم يصل إليه لا بشر ولا مَلَك .
   
116 وصل رسول الله إلى موضع سمع فيه صريف الملائكة التي تكتب أقضية الله سبحانه تكرمت الله لنبي هذه الأُمة صلى الله عليه وسلم .
   
117 هناك في هذا المكان الطاهر العظيم كلَّم الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وفرض عليه وعلى أُمته الصلوات الخمس .
   
118 مَنح الله هذه الأُمة : فرض الصلوات الخمس غُفر لكل مسلم الكبائر ، يعني لا يُخلَّد في النار . أعطيت خواتيم سورة البقرة .
   
119 بعد مافرغ رسول الله من كلام الله له رجع إلى جبريل عليه السلام ، ثم رجع إلى المسجد الأقصى وركب البراق وعاد إلى مكة .
   
120 كل هذه الرحلة العظيمة وتفاصيلها حدث في أقل من ليله عرفتم الآن أنها معجزة عظيمة ولذلك خلَّد الله ذكرها في كتابه الكريم .
   
121 نزل جبريل عليه السلام على رسول الله ﷺ بعد الإسراء والمعراج بيوم ليُبيِّن له أوقات الصلوات الخمس .
   
122 فُرضت الصلوات الخمس في الإسراء والمعراج ركعتين لكل صلاة إلا المغرب كانت ٣ ركعات .
   
123 كانت القبلة إلى بيت المقدس ، وكان رسول الله ﷺ إذا صلى جعل الكعبة بين يديه فيُصيب القبلتين .
   
124 طلبت قريش من النبي ﷺ معجزة ملموسة ، فقال لهم رسول الله ﷺ : " أرأيتم إن شققت لكم القمر نصفين تؤمنون ". قالوا : نعم .
   
125 فدعا رسول الله ﷺ ربه جلَّت قدرته أن يشق له القمر نصفين ، فشق الله سبحانه القمر نصفين وقريش ينظرون .
   
126 فلما رأت قريش هذه المعجزة الباهرة ، قالوا : والله إنك ساحر . فكذبت قريش هذه المعجزة العظيمة والتي لا ينكرها إلا جاحد .
   
127 فأنزل الله : " اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يرو آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر".
   
128 عند ذلك بدأ رسول الله ﷺ يُفكر في الدعوة في قبائل العرب في موسم الحج ، لعل قبيلة تؤمن به وتنصره .
   
129 كان أبو لهب وأبو جهل قبَّحهما الله يتناوبون على تكذيب النبي ﷺ ، وهو يدعوا في قبائل العرب .
   
130 اختلف موقف قبائل العرب تُجاه دعوته ﷺ ، منهم من تبرأ منه ، ومنهم من طمع بالخلافة بعده ، ومنهم من سكت .
   
131 في العام ١١للبعثه في الحج التقى رسول الله ﷺ بستة نفر من الخزرج أراد بهم الله خيرا . جلس إليهم ﷺ ودعاهم إلى الإسلام .
   
132 أسلم هؤلاء النفر بالنبي ﷺ ، وهم : أسعد بن زرارة ، عوف بن الحارث ، رافع بن مالك بن قُطبة بن عامر ، عُقبة بن عامر ، جابر بن عبدالله .
   
133 رجع هؤلاء النفر إلى المدينة وذكروا لقومهم رسول الله ﷺ ، ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم .
   
134 لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر للنبي ﷺ . في العام ١٢ للبعثة في الحج قدم ١٢ رجل من الأنصار للحج .
   
135 القى وفد الأنصار المكون من ١٢ رجل بالنبي ﷺ وبايعوه بيعة العقبة الأولى ومن الأوهام في هذه البيعة أنها سُميت بيعة النساء .
   
136 كانت البيعة على : السمع والطاعة لرسول الله ﷺ في المنشط والمكره والعسر واليسر والنصرة لرسول الله إذا قدم إليهم المدينة .
   
137 أما وصف بيعة العقبة الأولى ببيعة النساء فإنه وَهْمٌ من بعض الرواة ، ولم يكن للنساء ذكر في هذه البيعة ولا في بنودها .
   
138 لما أراد وفد الأنصار الرجوع إلى المدينة بعث معهم رسول الله ﷺ مصعب بن عُمير رضي الله عنه ليُفقِّه الأنصار في الدين .
   
139 أسلم على يَد مُصعب رضي الله عنه سيدا بني عبدالأشهل سعد بن مُعاذ ، وأُسيد بن حُضير رضي الله عنهما .
   
140 أقام مصعب في دار أسعد بن زُرارة يدعوا إلى الإسلام حتى لم تَبق دار من دور الأنصار إلا ودخلها الإسلام .
   
141 في العام ١٣ للبعثة خرج ٧٣ رجل وامرأتان من الأنصار لملاقاة النبي ﷺ في موسم الحج لإبرام أعظم اتفاق في تاريخ الإسلام .
   
142 جرت إتصالات سرية بين النبي ﷺ وبين ٧٣ رجل من الأنصار على أن يجتمعوا في أواسط أيام التشريق في الشعب الذي عند العقبة .
   
143 في الليلة الموعودة اجتمع النبي ﷺ مع ٧٣ رجلا والمرأتين من الأنصار لإبرام البيعة الكُبرى التي عُرفت ببيعة العقبة الثانية .
   
144 كانت بنود البيعة : السمع والطاعة للنبي ﷺ في العسر واليسر ، وحمايته ونصرته ﷺ إذا قدم عليهم المدينة .
   
145 فقالوا للنبي ﷺ : وما لنا إن نحن وَفَّينا بالبيعة ؟؟ قال ﷺ : لكم الجنة . فوافقوا بالإجماع .
   
146 أول من بايع النبي ﷺ هو : البراء بن معرور رضي الله عنه ، ثم تتابع الناس وهم رُؤوس الأنصار .
   
147 من أوهام ابن إسحاق في السيرة أن رسول الله ﷺ بايع الأنصار في هذه البيعة على الجهاد ، وهذا من أوهامه على جلالة قدره .
   
148 تابع ابن هشام ابن إسحاق على ذلك ، وهذا من أوهامهما رحمهما الله ، فإن الجهاد لم يفرض إلا في السنة الأولى للهجرة .
   
149 هكذا تمت هذه البيعة العظيمة بيعة العقبة الثانية ، والتي كانت سبباً في الهجرة إلى المدينة لبناء الدولة الإسلامية .
   
150 قال كعب بن مالك : " لقد شهدت مع النبي ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام ، وما أُحب أن لي بها مَشهد بدر ".
 
   
151 لما رجع الأنصار إلى المدينة بعد بيعة العقبة الثانية طابت نفس رسول الله ، وقد جعل الله له مَنعة وقوماً وهم الأنصار .
   
152 أمر رسول الله أصحابة بوجوب الهجرة إلى المدينة ، واللحوق بإخوانهم من الأنصار .
   
153 قال رسول الله : " أُمرتُ بقرية تأكل القُرىٰ يقولون يثرب وهي المدينة ، تَنفِي الناس كما يَنفي الكيرُ خبث الحديد ".
   
154 خرج الصحابة رضي الله عنهم أرسالاً - أي جماعات - مُتخفِّين ، مُشاة ورُكباناً ، وأقام هو ينتظر الإذن له من الله بالهجرة .
   
155 قال البراء بن عازب : أول من قدم علينا من أصحاب النبي مُصعب بن عُمير وابن أم مكتوم ، ثم جاء عَمَّار ، وبلال ، وسعد .
   
156 لم تكن هجرة الصحابة سهلة هَيِّنة ، بل كانت صعبة بحيث كانت قريش تضع كل العراقيل للحيلولة عن هجرة الصحابة .
   
157 وهاجر أبوسلمة بن عبدالأسد ، وعامر بن ربيعة ومعه زوجته ليلى بنت أبي حثمة ، وهاجر بني جحش .
   
158 وهاجر عمر بن الخطاب ليلا مُتخفي مع عَيَّاش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص . أخرج ذلك ابن اسحاق في السيرة بإسناد صحيح .
   
159 وأما قصة هجرة عمر بن الخطاب علانية ، وقوله : من أراد أن تثكله أمه أو يُيَتَّم ولده ...إلخ . فهي رواية ضعيفة لا تثبت .
   
160 لم يمض شهران على بيعة العقبة الثانية حتى لم يبق بمكة أحد من المسلمين إلا رسول الله وأبو بكر وأهله أو عاجز عن الهجرة .
   
161 تأكد رسول الله بأنه لم يبق أحد من أصحابه إلا وهاجر إلى المدينة إلا رجل محبوس أو مريض أو ضعيف عن الخروج .
   
162 كان أبوبكر الصديق كثيراً ما يستأذن رسول الله بالهجرة ، فقال له رسول الله : " لا تعجل ، لعل الله يجعل لك صاحباً ".
   
163 جاء الإذن من الله لرسوله بالهجرة إلى المدينة ، وأن يكون صاحبه في هذه الهجرة هو أبوبكر الصديق رضي الله عنه .
   
164 أخبر النبي أبا بكر الصديق بالهجرة ، وأنه سيكون رفيقه فيها ، فَجهَّز أبوبكر الصديق ناقتين له ولرسول الله .
   
165 اجتمع كفار قريش في دار الندوة ، واتفقوا على أمر جائر وهو قتل النبي ، وأعلنوا في ذلك جائزة ١٠٠ ناقة لمن يقتله .
   
166 حمى الله سبحانه نبيه من مؤامرة قريش ، وأخبره بهذه المؤامرة . خرج رسول الله مع أبي بكر الصديق وتَوجَّها إلى غار ثور .
   
167 كَمَنَ - يعني اختبأ - رسول الله وأبوبكر في الغار ٣ أيام ، وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهم بالطعام كل يوم .
   
168 بحث الكفار عن رسول الله في كل مكان فلم يجدوه ، وتوجهت مجموعة منهم إلى غار ثور ، ووقفوا على باب الغار .
   
169 لو نظر أحدهم إلى داخل الغار لرأى رسول الله وصاحبه أبا بكر لكن الله صرف قلوبهم ولم يتكلف أحد منهم أن ينظر داخل الغار .
   
170 رواية نسج العنكبوت والحمامة أخرجها الإمام أحمد في مسنده بإسناد ضعيف . ثم رجع هؤلاء الكفار ، وحمى الله رسوله منهم .
   
171 خرج رسول الله وصاحبه أبوبكر الصديق من الغار بعد أن مكثا فيه ٣ أيام ، وانطلقا متوجهين إلى المدينة .
   
172 وخرج معهما عامر بن فُهيرة مولى أبي بكر الصديق يخدمهما في الطريق وكان دليلهم إلى المدينة عبدالله بن أُريقط وكان مشركا .
   
173 فكان رسول الله ، وأبو بكر الصديق ، وعامر بن فهيرة ، والدليل عبدالله بن أريقط ، وفي طريقهم إلى المدينة حدثت أحداث :
   
174 من الأحداث : قصة سراقة بن مالك . إسلام الراعي . قصة أم معبد الخزاعية . لقاء الرسول بالزبير وطلحة وهما قادمان من الشام .
   
175 من الأحداث التي حدثت في هجرته لكنها لم تثبت بإسناد صحيح : قول رسول الله لسراقة : " كيف بِك إذا لبست سِواري كسرى ".
   
176

وصل رسول الله ومن معه بحفظ الله ورعايته إلى منطقة قباء في يوم الإثنين ١٢ ربيع الأول سنة ١٤ من بعثته ، وهي السنة ١ هـ .

   
177 فلما وصل رسول الله ومن معه إلى قباء وجد الأنصار في استقباله ، وجلس رسول الله في قباء ١٤ ليلة وخلالها بنى مسجد قباء .
   
178 ولما كان يوم الجمعة ركب رسول الله على راحلته وخلفه أبوبكر متوجهين إلى المدينة .
   
179 أدركت رسول صلاة الجمعة في ديار بني سالم بن عوف ، فصلاها في الوادي وادي رانُوناء ، وهي أول جمعة يُصليها في الإسلام .
   
180 ثم ركب رسول الله ناقته من ديار بني سالم بن عوف ، وأرخى لها الزمام ، حتى دخل المدينة في جو مشحون بالفرح والسرور .
   
181 وكان يوماً تاريخياً مشهوداً ، فقد كانت البيوت والسِّكَكُ تَرَتُّج بأصوات التحميد والتكبير .
   
182 قال أنس : " ما رأيت يوماً قط أنور ولا أحسن من يوم دخل رسول الله وأبو بكر الصديق المدينة - يعني بعد الهجرة - ".
   
183 قال البراء : ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيئ فرحهم برسول الله حين قدم المدينة ، حتى جعل الإماء يقلن : قدم رسول الله .
   
184 قال البراء رضي الله عنه : فصعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون : يامحمد يارسول الله .
   
185 قال أنس رضي الله عنه : " لما كان اليوم الذي دخل رسول الله فيه المدينة أضاء منها كل شيئ ".
   
186 قال أنس : خرجت جوار يضربن بالدف وهُنَّ يَقُلْن : نحن جوارٍ من بني النَجَّار يا حَبَّذا محمد من جار .
   
187 الأبيات الشهيرة : طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع أخرجها البيهقي بإسناد ضعيف . وأوردها الغزالي في الإحياء وأعلّه الحافظ العراقي بقوله إسناده معضل ، وضَعَّفه الحافظ ابن حجر في الفتح ، وابن القيم في زاد المعاد .
   
188 قال القسطلاني : وأشرقت المدينة بحُلُوله فيها ، وسَرَى السُّرُورُ إلى القُلُوبِ .
   
189 بركت ناقة النبي في موضع المسجد النبوي ، وهذا المكان باختيار من الله ، لأنه عليه بُني المسجد النبوي .
   
190 ونزل رسول الله على أبي أيوب الأنصاري ، حتى بُنِيت له حجراته  . فحاز أبوأيوب أعظم الشرف بنزول النبي عليه .
   
191 كانت المدينة المنورة معروفة بالوباء ، فأصاب أصحاب رسول الله منها بلاء ومرض ، وصرف الله ذلك عن رسوله .
   
192 فلما رأى رسول الله ما أصاب أصحابه من البلاء والمرض دعا الله عز وجل أن يرفع الوباء عن المدينة المنورة .
   
193 قال رسول الله : " اللهم حَبِّب إلينا المدينة كَحُبِّنا مكة أو أشدَّ ، وصَحِّحْها ، وبارك لنا في صَاعِها ومُدِّها ".
   
194 بَني النبي مجتمعه المدني على ٣ قواعد هي : ١- بناء مسجده النبوي. ٢- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار. ٣- كتابة الصحيفة .
   
195 في شوال من السنة ١هـ  بَنى - أي دخل - رسول الله بعائشة رضي الله عنها ، فكانت أحب نسائه إليه ورضي الله عنها .
   
196 غَيَّر رسول الله إسم يثرب إلى : طابة ، المدينة ، طيبة . قال رسول الله : " إن الله سَمى المدينة طابة ". رواه مسلم .
   
197 قال رسول الله : " أُمرتُ بقرية تأكل القُرىٰ ، يقولون يثرب ، وهي المدينة .." متفق عليه .
   
198 قال جابر بن سمرة رضي الله عنه : " كانوا يُسمون المدينة يَثرب ، فسماها رسول الله طيبة ".
   
199 شُرع الأذان في السنة الأولى للهجرة ، وكل الروايات التي تقول إن الأذان شُرع في مكة قبل الهجرة ، أو في الإسراء لا تثبت .
   
200 أسلم عبدالله بن سلام اليهودي رضي الله عنه في السنة الأولى للهجرة ، وكان من عُلمائهم ، وكان إسلامه حُجَّة على اليهود .
 
   
201 لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء ، وكانت لرجُل من بني غِفار عين يقال لها : رُومة .
   
202 وكان يبيع منها القِربة بِمُدّ ، فقال رسول الله : " من يشتري بئر رُومة بخير له منها في الجنة ".
   
203 فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه بماله الخاص ، وسبَّلها للمسلمين .
   
204 لما فُرضت الصلاة الخمس في الإسراء والمعراج كانت كل صلاة ركعتين إلا المغرب فكانت ٣ ركعات .
   
205 فجاء الوحي بزيادة ركعتين لصلاة الظهر والعصر والعشاء ، فصارت ٤ ركعات لكل منها ، وثبت الأمر على ذلك .
   
206 أراد بنو سَلِمة أن يتركوا ديارهم - وكانت في أطراف المدينة بعيدة عن المسجد النبوي - ويقتربوا من المسجد النبوي ..
   
207 فخشي رسول الله أن تَعْرَى المدينة ، فنهاهم ، وقال : " يابني سَلِمة ديَارَكُم تُكْتَبْ آثارُكُم ". فثبتوا في منازلهم .
   
208 لما استقر رسول الله في المدينة جاءه الوحي بتشريع الجهاد ، فأنزل الله : " أُذِن للذين يُقَاتَلُون بأنهم ظلموا ...".
   
209 الغزوة هي كُل بَعْث خرج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الشريفة سواء قاتل فيها أو لم يُقاتل .
   
210 غزى رسول الله ٢١ غزوة ، أولها غزوة الأبواء وتسمى وَدَّان ، وآخر غزوة غزاها هي غزوة تبوك .
   
211 أول سرية بعثها رسول الله كانت بقيادة حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ، والهدف اعتراض قافلة لقريش .
   
212 ثم بعث رسول الله ابن عمه عُبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب في سرية ، والهدف قافلة لقريش ، وصار بينهما رمي بالنبال .
   
213 ثم بعث رسول الله سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في سرية ليعترض قافلة لقريش ، ففرت القافلة .
   
214 أول من توفي بالمدينة من المسلمين بعد الهجرة ، هو : كُلثوم بن الهِدْم رضي الله عنه وكان شيخا كبيرا .
   
215 في صفر على رأس ١٢ شهرا من الهجرة ، خرج رسول الله في أول غزوة له ، هي غزوة الأبواء وتُسمى ودّان لاعتراض قافلة لقريش .
   
216 ثم خرج رسول الله في ربيع الأول على رأس ١٣ شهرا من هجرته ، في غزوته الثانية وهو غزوة بَواط ، لاعتراض قافلة لقريش
   
217 خرج رسول الله في الغزوة الثالثة وهي غزوة العشُيرة ، وكانت في جُمادى الآخرة على رأس ١٦ شهر من مهاجره . 
   
218 لم يقم رسول بعد العُشيرة إلا ليالي ، ثم خرج في غزوة سَفَوَان وتُسمى أيضاً غزوة بدر الأولى .
   
219 بعث رسول الله عبدالله بن جحش رضي الله عنه في سرية إلى منطقة نَخْلَة ، والهدف اعتراض قافلة لقريش ، فأدركوها .
   
220 فقُتل عمرو بن الحضرمي وهو أول كافر يقتل في الإسلام ، وأُسر عثمان بن عبدالله ، والحكم بن كيسان وغنموا كل مافي القافلة .
   
221 فكان في سرية نَخْلَة بقيادة عبدالله بن جحش رضي الله عنه أول قَتيل ، وأول أسرىٰ ، وأول غنائم في الإسلام .
   
222 في النصف من رجب من السنة ٢ للهجرة جاء الوحي إلى النبي بتحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة .
   
223 في شعبان من السنة ٢ هـ جاء الوحي إلى النبي بفرض صيام رمضان فصام رسول الله ٩ رمضانات لأنه توفي بداية سنة ١١ للهجرة .
   
224 وفي شعبان من السنة ٢ للهجرة جاء الوحي إلى النبي بفرض زكاة الفطر ، وفُرضت قبل فرض زكاة الأموال .
   
225 وفي رمضان من السنة ٢ للهجرة وقعت غزوة بدر الكُبرى ، وهي يوم الفُرقان التي فَرَّق الله بها بين الحق والباطل .
   
226 غزوة بدر الكُبرى خَلَّد الله ذكرها في القرآن وخَصَّها الله بخصائص لم تكن لسواها ومن شهدها من الصحابة هم أفضل الصحابة .
   
227 غزوة بدر الكبرى نصر الله فيها نَبيَّه نصراً مؤزراً ، وقَرَّ عَينه ، وقَوِيت شوكة المسلمين .
   
228 تُوفيت رُقية بنت النبي بعد غزوة بدر الكُبرى مباشرة ، وكان زوجها عثمان بن عفان ، ورُزق منها ابنه عبدالله ومات صغيرا .
   
229 في السنة ٢ للهجرة تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بفاطمة بنت النبي رضي الله عنها ، فكان أطهر وأشرف زواج .
   
230 في السنة ٢ للهجرة تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بفاطمة بنت النبي رضي الله عنها ، فكان أطهر وأشرف زواج .
   
231 رُزق علي بن أبي طالب رضي الله عنه من فاطمة رضي الله عنها : الحسن ، الحسين ، مُحسِّن ، أم كلثوم ، زينب ، رضي الله عنهم .
   
232 في شوال من السنة ٢ هـ ، وقعت غزوة بني قينقاع ، فحاصرهم رسول الله ، فاستسلموا ، فأجلاهم رسول الله من المدينة .
   
233

في ذي الحجة سنة ٢هـ وقعت غزوة السَّويق ، أغار أبوسفيان على المدينة فقتل رجلا من الأنصار، فخرج له رسول الله في ٢٠٠رجل .

   
234 في ١٠ من ذي الحجة سنة ٢ هـ حضر عيد الأضْحَى، وكان أول أضْحَى رآه المسلمون، فضَحَّى رسول الله بكبشين أملحين أقرنين .
   
235 في ذي الحجة سنة ٢ هـ تُوفي عثمان بن مظعون ، وصلَّى عليه رسول الله ، ودفن بالبقيع وهو أول مَن دُفن بها من المهاجرين .
   
236 في محرم سنة ٣ هـ وقعت غزوة بَني سُليم وتسمى قَرْقَرْة الكُدْر ، خرج رسول الله في ٢٠٠ ، لما بلغه جمعًا لبني سُليم .
   
237 في محرم سنة ٣ هـ وقعت غزوة ذي أَمْر وتسمى غزوة غطفان ، خرج رسول الله في ٤٥٠ ، لما بلغه جمعاً لغطفان .
   
238 في جمادى الآخرة سنة ٣ هـ ، بعث رسول الله سرية بقيادة زيد بن حارثة رضي الله عنه ، والهدف اعتراض قافلة لقريش فغنموها .
   
239 في جمادى الآخرة سنة ٣ هـ ، بعث رسول الله سرية بقيادة زيد بن حارثة رضي الله عنه ، والهدف اعتراض قافلة لقريش فغنموها .
   
240 في شعبان سنة ٣ هـ  تزوج رسول الله حَفصة بنت عمر بن الخطاب ، وكانت زوجة لخُنَيْس بن حُذَافة رضي الله عنه ، الذي توفي .
   
241 في رمضان تزوج النبي زينب بنت خُزيمة الهلالية ، ولم تلبث عند النبي إلا شهرين أو ٣ حتى تُوفيت رضي الله عنها .
   
242 في النصف من شوال سنه ٣ هـ وقعت غزوة أُحُد الشهيرة . وتعتبر غزوة أُحُد من أصعب الغزوات التي مرت على رسول الله .
   
243 في غزوة أُحُد كُسِرت أسنان النبي الأمامية ، ودخل المغفر في رأسه الشريف واشتد الأمر عليه فحفظه الله بنزول الملائكة .
   
244 غزوة أُحُد كانت اختباراً عظيماً للصحابة رضي الله عنهم في دفاعهم عن نَبيِّهم ، فنجحوا فيه نجاحاً باهراً رضي الله عنهم .
   
245 غزوة أُحُد سقط فيها ٧٠ شهيداً مِن الصحابة الكرام على رأسهم سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله وأخوه من الرضاعة .
   
246 غزوة أُحُد ظهر فيها الحُب الحقيقي من الصحابة رضي الله عنهم لنبيِّهم . فبذلوا أرواحهم في سبيل حياته عليه الصلاة والسلام
   
247 غزوة أُحُد كانت اختباراً حقيقياً ظهر فيها المؤمن الصادق وهم الصحابة ، والمنافق الكاذب وهم المنافقين على رأسهم ابن سلول .
   
248 في غزوة أحد أخذ أبو دجانة سيف رسول الله فوفَّى به ، ونزلت الملائكة ساحة أرض المعركة وغسَّلت الملائكة حنظلة بن أبي عامر
   
249 غزوة أُحُد كانت مقدمة وتهيئة لموت رسول الله ، فثبَّت الله أصحابه عليه الصلاة والسلام رضي الله عنهم .
   
250 غزوة أُحد فيها من الدروس والعبر العظيمة وقد أبدع ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد وهو يستنبط الدروس والعبر منها .
 
   
251 في محرم سنة ٤ هـ بعث رسول الله أبا سلمة ومعه ٥٠ رجلا ، ليعترض طُليحة بن خُويلد الذي جمع جمعاً لغزو المدينة.
   
252 لما رجع أبوسلمة من هذه السرية ، انتفض جُرحه الذي أُصيب به يوم غزوة أُحُد ، فمات رضي الله عنه .
   
253 قال رسول الله : اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين.
   
254 في محرم سنة ٤ هـ بعث رسول الله عبدالله بن أُنيس ، لقَتْل خالد بن سُفيان الهُذلي الذي جمع جموعاً عظيمة لغزو المدينة .
   
255 استطاع عبدالله بن أُنيس أن يَقْتُل خالد بن سُفيان الهُذلي ، وبموته تفرقت الجُموع التي جَمعها لغزو المدينة .
   
256 فلما رجع عبدالله بن أُنيس إلى المدينة فرح به رسول الله فرحاً عظيماً ، وقال له :" أفلح الوجه ".
   
257 ثم إن رسول الله أعطى عبدالله بن أنيس عصاه ، وقال له : " آية - أي علامة - بيني وبينك يوم القيامة ". فلما مات دُفنت معه .
   
258 في صفر سنة ٤ هـ ، وقعت سرية الرجيع والتي راح ضحيتها ١٠ من الصحابة غدر بهم بني لحيان، فكانت مأساتها شديدة على النبي .
   
259 وفي صفر سنة ٤هـ وقعت فاجعة بئر مَعونة أو سرية القُرَّاء راح ضحيتها ٧٠ رجلا من الأنصار، غدر بهم قبائل رِعْل وذكران وعُصية .
   
260 فاجعة بئر معونة من أعظم المصائب على المسلمين ، ولذلك قنت رسول الله شهراً كاملاً يدعو على القبائل التي غدرت بأصحابه .
   
261 في ربيع الأول سنة ٤ هـ وقعت غزوة بني النَّضير ، وهي الغزوة الثانية مع اليهود ، وسببها أنهم أرادوا قتل النبي .
   
262 فخرج لهم رسول الله وحاصرهم في ديارهم ، فقذف الله الرعب في قلوبهم ، وصالحوا النبي على الجَلاَء .
   
263 معنى الجَلَاء إخراجهم من أرضهم، واشترط عليهم الرسول أن يحملوا ما استطاعوا من متاعهم إلا السلاح .
   
264 نزلت سورة الحشر كاملة في غزوة بني النضير تحكي تفاصيل هذه الغزوة ، ولن تستطيع فهم الآيات إلا إذا درست غزوة بني النضير .
   
265 في شعبان سنة ٤ هـ وقعت غزوة بدر الآخرة ، وتُسمى بدر الصُغرى لعدم وقوع قتال فيها .
   
266 وتُسمى غزوة بدر الموعد لأن أبا سفيان واعد النبي بعد غزوة أُحُد على اللقاء والقتال في العام المقبل في بدر .
   
267 خرج رسول الله ومعه ١٥٠٠ رجل ، وخرج أبوسفيان بألفي رجل ، وكان خائفاً وكارهاً للخروج .
   
268 وصل رسول الله إلى بدر ينتظر أبا سفيان، فلما بلغ أبو سفيان عُسْفَان خاف وقذف الله الرُّعب في قلبه ، فرجع وتفرق من معه .
   
269 في شوال من السنة ٤ هـ ، تزوج رسول الله أم سلمة واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة، وذلك بعد أن انقضت عدتها من زوجها .
   
270 وكانت أم سلمة رضي الله عنها موصوفة بالعقل البالغ ، والرأي الصائب وهي آخر من تُوفي من أزواج النبي ، تُوفيت سنة ٦١ هـ .
   
271

تزوج رسول الله زينب بنت جحش في السنة ٤ هـ، وكانت زوجة زيد بن حارثة ابن النبي بالتبني، فطلقها ثم تزوجها رسول الله .

   
272 وكان المراد من زواج النبي بزينب بنت جحش رضي الله عنها إبطال عادة التبني والقضاء على هذه العادة الجاهلية .
   
273 مكثت زينب رضي الله عنها عند زيد بن حارثة رضي الله عنه قرابة سنة ، ثم طلقها ، فلما انقضت عدتها تزوجها رسول الله .
   
274 الذي زوج رسول الله بزينب هو الله سبحانه فدخل عليها رسول الله بدون إذن . قال تعالى : فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها .
   
275 فكانت زينب بنت جحش تفتخر على أزواج النبي وتقول: " زَوَّجكُن أهاليكن ، وزوجني الله تعالى ممن فوق سبع سماوات ".
   
276 وأولم النبي حين دخل بزينب بنت جحش ، قال أنس : أَوْلَمَ رسول الله حين بَنَى بزينب ابنة جحش فأشبع الناس خُبْزاً ولحماً .
   
277 ونزل الحجاب في قصة زواج النبي ، والمقصود بالحجاب هُنا لأمهات المؤمنين ، أنه لا يُكلمهن رجلٌ غريب إلا من وراء ستر .
   
278 كانت زينب بنت جحش من أفضل النساء ديناً وورعاً وجوداً ومعروفاً . قالت عائشة : لَم أَرَ امرأة قط خيراً في الدين من زينب .
   
279 قال رسول الله لنسائه : " أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا ". المقصود بطول اليد الصدقة ، فكانت زينب أطولهن يدا في الصدقة .
   
280 تُوفيت زينب بنت جحش رضي الله عنها سنة ٢٠ هـ في خلافة عمر رضي الله عنه ، وهي أول نساء النبي وفاة بعده ودفنت بالبقيع .
   
281 في شعبان من السنة ٥ هـ وقعت غزوة بني المصطلق ، وتُسمى المريسيع وسببها : أن الحارث بن أبي ضرار جمع جموعاً لغزو المدينة .
   
282 فخرج لهم رسول الله في ٧٠٠ رجل من أصحابه ، فأغار عليهم وقتل مقاتليهم وسَبى ذراريهم .
   
283 من بين السبايا جُويرية بنت الحارث ابنة سيد بني المصطلق، فعرض عليها رسول الله الإسلام ويتزوجها ، فأسلمت وتزوجها .
   
284 وبزواج رسول الله من جُويرية أطلق الناس كل سبايا بني المصطلق ، لأنهم صاروا أصهار رسول الله .
   
285 قالت عائشة رضي الله عنها : " ما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها من جُويرية ".
   
286 كانت أم المؤمنين جُويرية رضي الله عنها من الذاكرات الله كثيرا ، وتُوفيت سنة ٥٦ هـ ، وعمرها ٦٥ سنة .
   
287 خرج مع النبي عدد كبير من المنافقين على رأسهم عبدالله بن أبي بن سلول قبحه الله ، وكان هدفهم إثارة الفتنة بين المسلمين .
   
288 حدث حادثان عظيمان في غزوة بني المصطلق : إثارة الفتنة بين المهاجرين والأنصار . الطعن بأم المؤمنين عائشة في حادث الإفك .
   
289 حاول ابن سلول ومن لَفَّ لَفَّه من المنافقين الطعن بعرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وكانت فتنة عظيمة .
   
290 بَرَّأ الله سبحانه وتعالى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من فوق ٧ سماوات فأنزل آيات تُتلى إلى يوم القيامة.
   
291 قال النووي : براءة عائشة من الإفك قطعيّة بنص القرآن العزيز ، فلو تشكَّك فيها إنسان صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين .
   
292 قصة الإفك فيها من الدروس العظيمة التى لا بُد أن يقف عليها المسلم ، استنبط منها الحافظ ابن حجر أكثر من ٧٠ فائدة .
   
293 في شوال من السنة ٥ هـ وقعت غزوة الخندق ، وتُسمى أيضا غزوة الأحزاب ، وسببها تحزيب اليهود العرب على غزو المدينة .
   
294 تجمع ١٠ آلاف من الأحزاب يُحزبهم ويُحرضهم اليهود على غزو المدينة ، وكان قائد الأحزاب هو أبوسفيان صخر بن حرب .
   
295 أشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر الخندق ، فأخذ رسول الله برأيه ، وكانت غزوة الخندق أول مشاهد سلمان رضي الله عنه .
   
296 عدد جيش النبي ٣ آلاف ، وجعل رسول الله على كل ١٠ من أصحابه رئيسا ، وأعطاهم مسافة ٤٠ ذراعا يحفرونها .
   
297 تم إنجاز حفر الخندق قبل وصول الأحزاب، فلما وصل الأحزاب إلى المدينة وإذا بهم يرون الخندق قد حال بينهم وبين دخول المدينة .
   
298 ظهرت في غزوة الخندق معجزات للنبي منها: تكثير الطعام القليل ، تكسير الصخرة الضخمة بثلاث ضربات  ، البشارة بفتح فارس والروم .
   
299 نقض يهود بني قريظة العهد مع رسول الله ، واشتد الأمر على المسلمين ، وعَظُم البلاء عليهم ، وبلغت القلوب الحناجر .
   
300 دعا رسول الله ربه تفريج الأمر فاستجاب له ربه وبعث على الأحزاب الريح فشتت أمرهم وأنزل الملائكة فألقت الرعب في قلوبهم .
 
   
301 رجع الأحزاب إلى ديارهم خائبين، ورجع الأمن والأمان إلى مدينة النبي بعد أن فرّق الله أمر الأحزاب بالريح والرُّعب .
   
302 رجع رسول الله إلى بيتِهِ بعد غزوة الخندق أو الأحزاب ، فجاءه جبريل عليه السلام يأمره بقتال يهود بني قريظة .
   
303 لبس رسول الله سلاحه وخرج وقال لأصحابه : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُصَلِّينَّ العصر إلا في بَني قريظة " .
   
304 انطلق رسول الله إلى بَني قريظة ، وحاصرهم ، فاشتد عليهم الحصار ، وألقى الله الرُّعب في قلوبهم ، فاستسلموا جميعاً .
   
305 أمر رسول الله أن يُوثق الرجال، وكانوا ٤٠٠ مقاتل ، وجعل رسول الله الحُكْم فيهم لسعد بن معاذ رضي الله عنه .
   
306 جِيئ بسعد بن معاذ محمولا على حِمار، وكان أُصيب في غزوة الخندق، فقال له رسول الله : "جعلْتُ حُكْم بني قُريظة بِيدك".
   
307 فقال سعد رضي الله عنه : " أحكمُ فيهم أن تُقتل مُقاتلتهم ، وتُسبى ذراريهم ، وتُقسم أموالهم ".
   
308 فقال رسول الله : " لقد حكمْتَ فيهم بحُكْم الله من فوق سبع سماوات ". ثم أخذ رسول الله بتنفيذ الحُكم فيهم .
   
309 بعد مانُفِّذَ حُكم سعد بن معاذ في يهود بني قريظة ، وأقرَّ الله عَينه ، وشَفى صدره منهم ، انفجر جُرحه فمات رضي الله عنه .
   
310 فلما مات سعد بن معاذ رضي الله عنه ، قال رسول الله : " اهْتَزَّ عَرشُ الرحمن لموت سعد بن معاذ ". متفق عليه .
   
311 لما فُرِغ من تكفين سعد بن معاذ رضي الله عنه حمله الناس لقبره ، وحملته معهم الملائكة .
   
312 قال رسول الله : " لقد هبط يوم مات سعد بن معاذ سبعون ألف ملَكٍ إلى الأرض لم يَهبطوا قبل ذلك ". رواه البزار بإسناد جيد .
   
313 حَزِن المسلمون لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه حُزْناً شديداً ، حتى بَكى أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما .
   
314 قالت عائشة : " ما كان أحدٌ أشَدَّ فَقْداً على المسلمين بعد رسول الله وصاحبيه - أي أبوبكر وعمر - من سعد بن معاذ " .
   
315 خلَّد الله سبحانه وتعالى غزوة الخندق في كتابه الكريم فأنزل آيات كثيرة من سورة الأحزاب ، من بداية الآية ٩ .
   
316 أخذ رسول الله يُوجه حملات تأديبية إلى القبائل التي شاركت في غزوة الخندق ، ويَشنّ عليها السرية تلو السرية .
   
317 في ربيع الأول سنة ٦ هـ خرج رسول الله في غزوة بني لِحيان ، فَشنَّ عليهم هجوما فتفرقوا مِن كل مكان .
   
318 في ربيع الأول سنة ٦ هـ بعث رسول الله سرية بقيادة عُكاشة بن مِحصن لبني أسد ففروا منه وتفرقوا .
   
319 بعث رسول الله سرية بقيادة محمد بن مسلمة لبني ثعلبة من غطفان ، وذلك في ربيع الآخر سنة ٦ هـ ، وحدث بينهم قتال .
   
320 بعث رسول الله سرية بقيادة أبي عبيدة بن الجراح وذلك في ربيع الآخر سنة ٦ هـ إلى ذي القَصَّة ، فأغار عليهم وَغنِم منهم .
   
321 بعث رسول الله زيد بن حارثة في سرية إلى بني سُليم ، وغَنِم منهم ، ورجع سالما بمن معه ، وذلك في ربيع الآخر سنة ٦ هـ .
   
322 في جمادى الأولى سنة ٦ هـ بعث رسول الله سرية بقيادة زيد بن حارثة ، والهدف اعتراض قافلة لقريش ، فأدركوها .
   
323 وأخذوا كل مافيها ، وأسروا كل من فيها ، ومن بين الأسرى أبوالعاص بن الربيع زوج زينب بنت النبي ، وكان مازال مشركا .
   
324 أجارت زينب بنت النبي زوجها أبا العاص بن الربيع الذي مازال مشركاً ، فأطلق رسول الله كل الأسرى وردوا عليه ماله .
   
325 رجع أبوالعاص بن الربيع إلى مكة وأرجع لأهل مكة أموالهم التي كانت في القافلة ، ثم أسلم ، وهاجر إلى المدينة .
   
326 في ذي القعدة سنة ٦ هـ أخبر رسول الله أنه يُريد العمرة وأنه رَأى رُؤيا في منامه أنه دخل مكة هو وأصحابه آمنين ومُحلقين .
   
327 ففرح الصحابة بذلك ، وتهيؤوا للخروج معه ، واستنفر رسول الله الأعراب من البوادي ممن أسلم ليخرجوا معه .
   
328 فأبطأ عليه الأعراب ، واعتذروا بأعذار واهية ، كشفها الله في القرآن في سورة الفتح آية ( ١١ ) وما بعدها .
   
329 خرج رسول الله من المدينة مُتوجها إلى مكة ، ومعه ١٤٠٠ رجل من أصحابه ، ومعه زوجته أم سلمة هند بنت أبي أمية .
   
330 ولم يخرج رسول الله سلاحا إلا سلاح المسافر وهي السيوف في القُرُب - وهي الأغماد - ، وساق معه الهدي ٧٠ ناقة .
   
331 وصل رسول الله إلى مِيقات ذي الحُليفة ، وهو مِيقات أهل المدينة ، ولبس إحرامه ولَبَّى بالعُمْرَة ، وتوجه إلى مكة .
   
332 وصل إلى قريش خبر قدوم رسول الله إلى مكة لأداء العُمْرَة ، فقالوا : " والله مايدخلها علينا ".
   
333 وجَهَّزوا كتيبة بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه - وكان مازال مشركاً - لصَدِّ المسلمين عن دخول مكة .
   
334 وصل رسول الله إلى منطقة عُسْفان ، وإذا بكتيبة خالد بن الوليد أمامه ، وحانت صلاة العصر .
   
335 فنزل الوحي بتشريع صلاة الخوف ، فكانت أول صلاة خوف صُليت في الإسلام كانت في غزوة الحُديبية .
   
336 ثم إن رسول الله تَفادى الاصطدام مع خيل الكفار ، فقال لأصحابه : " مَنْ يَخرج بِنا على طريق غير طريقهم " .
   
337 فقال رجل من الصحابة : أنا يارسول الله ، فسلك بهم طريقا وعِراً حتى استطاع أن يَلتف خلف كتيبة المشركين .
   
338 وصل المسلمون إلى ثَنِيَّة المرار ، وهناك بركت ناقة النبي ، فلم تتحرك ، حاولوا فيها ولكن دون جَدوى .
   
339 ثم زَجَر رسول الله ناقته فوثبت ، وسار حتى نزل بأقصى الحُديبية ، فلما اطمأن بالحُديبية جاءه بُديل بن وَرْقَاء في نفر .
   
340 وقال للنبي : إن قريشا قد خرجت لقتالك وصدك عن البيت فقال رسول الله : " إنَّا لم نجيء لقتال ولكنَّا جئنا معتمرين ".
   
341 بعثت قريش عددًا من رسلها للنبي ، وهدفها من ذلك التأكد من سبب مجيء النبي لمكة ، هل للقتال أم العمرة ؟؟
   
342 فأرسلت قريش : ١- مِكْرَزُ بن حَفْص ٢- الحِلْسُ بن عَلْقَمة ٣- عُرْوَة ُبن مَسعود الثَّقَفي .
   
343 رجع رُسُلُ قريش بالخبر أن المسلمين جاؤوا لأداء العمرة ولم يجيؤوا للقتال ، والدليل على ذلك أنهم مُحرمين وساقوا الهَدْيَ .
   
344 فلما رأى رسول الله ذلك أرسل عثمان بن عفان إلى أبي سفيان سَيِّد مكة يُخبره أنهم لم يأتوا للقتال وإنما للعمرة .
   
345 فلما وصل عثمان إلى أبي سفيان ، رَحَّب به ، وقال له : امكث عندنا حتى نَرى رأينا ، فوصل الخبر للنبي أن عثمان قُتِل .
   
346 فلما رأى رسول الله ذلك أمر أصحابه للبيعة ، وكان رسول الله جالسا تحت شجرة ، وعُرفت هذه البيعة " ببيعة الرضوان " .
   
347 سُميت بذلك لأن الله سبحانه رضي عنهم ، فقال سبحانه : " لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يُبايعونك تحت الشجرة " .
   
348 عدد من شَهد " بيعة الرضوان " على أرجح الروايات ١٤٠٠ رجل من خيرة أصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار .
   
349 بعضهم بايع رسول الله على الموت ، وبعضهم بايعه على عدم الفرار من المعارك ، وهي أعظم بيعة وقعت في الإسلام .
   
350 يَكفي في فضل " بيعة الرضوان " أن الله رضي عن أصحابها .
 
   
351 جاء في فضل من شهد بيعة الرضوان أحاديث ، منها : قال رسول الله : " ليدخُلنَّ الجنة من بايع تحت الشجرة ". رواه الترمذي .
   
352 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل النار أحدٌ ممن بايع تحت الشجرة ". رواه الإمام أحمد في مسنده .
   
353 قال رسول الله : " لا يدخل النار إن شاء الله مِن أصحاب الشجرة أحدُ الذين بايعوا تحتها ". رواه الإمام مسلم .
   
354 قال رجل لرسول الله : يارسول الله ليدخُلنَّ حاطبٌ النار . فقال : كذبت لا يدخلها فإنه شهد بدراً والحديبية . رواه مسلم .
   
355 قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ، قال لنا رسول الله يوم الحديبية : " أنتم خير أهل الأرض ". متفق عليه .
   
356 ثم بايع رسول الله نفسه نيابة عن عثمان رضي الله عنه ، فضرب بيده اليُمنى على اليُسرى وقال : " هذه لعثمان " .
   
357 وبهذا نال عثمان رضي الله عنه شَرف هذه البيعة العظيمة . قال أنس : فكانت يَد رسول الله لعثمان خيراً من أيدينا لأنفسنا .
   
358 لما علمت قريش ببيعة أصحاب النبي خافوا ، ورغبوا بالصلح ، فأرسلوا سُهيل بن عمرو يفاوض رسول الله .
   
359 تم الاتفاق على التالي : يَرجع المسلمون هذا العام فلا يَدخلون مكة ، ويَدخلونها العام القادم ، فَيُقيموا فيها ٣ أيام .
   
360 من أحب من القبائل أن يَدخل في حِلْف وعهد محمد - - فله ذلك ، ومن أحب أن يَدخل في حِلْف وعقد قريش فله ذلك .
   
361 من أتى محمدا مسلما يُرد إلى قريش ، ومن أتى قريشا مُرتدا عن الإسلام لا يُرد إلى محمد . وهذا أشد بند على المسلمين .
   
362 وضع الحرب بين الطرفين - المسلمين وقريش - ١٠ سنين ، يأمن فيهن الناس ، ويكف بعضهم عن بعض .
   
363 بعدما تم الصلح ، واتفق الطرفان عليه ، أمر رسول الله أصحابه بالتحلل من إحرامهم " بنحر هَديهم وحَلْقِ رؤوسهم .
   
364 فمن شدة غضب الصحابة على عدم دخولهم مكة لأداء العمرة لم يَقُم منهم أحد ، ولم يَتحلل منهم أحد .
   
365 ثم دخل رسول الله على أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وأخبرها خبر الصحابة ، وكيف أنهم لم يأتمروا أمره .
   
366 فقالت له رضي الله عنها : يا رسول الله أخرج عليهم ثم ادعُ حالقك ، فليحلق لك ، فخرج رسول الله عليهم .
   
367 فحلق رأسه الشريف خِراش بن أُمية رضي الله عنه ، فلما رأى الصحابة ذلك عرفوا أن الأمر انتهى ، فتحللوا رضي الله عنهم .
   
368 ثم نحر رسول الله هديه ، ونحر الصحابة رضي الله عنهم ، فهذه عمرة الحديبية الشهيرة ، والتي تم فيها الصلح مع قريش .
   
369 ثم رجع رسول الله ومن معه من جيشه البالغ ١٤٠٠ مقاتل من أصحابه إلى المدينة ، فنزلت عليه سورة الفتح وهو في الطريق .
   
370 ففرح بها النبي فرحاً عظيماً ، وقال : " لقد أُنزلت علي آية هي أحبُّ إليَّ من الدنيا جميعاً ". رواه الإمام مسلم .
   
371 قال الله تعالى : " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ماتقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما " .
   
372 قال الإمام الطحاوي : أجمع الناس أن الفتح المذكور في الآية " إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً " هو صُلح الحُديبية .
   
373 لماذا صُلح الحُديبية هو الفتح العظيم للإسلام ؟ ١- من بعثته إلى الحُديبية سنة ٦ هـ  ١٩ سنة عدد جيش النبي ١٤٠٠ مقاتل
   
374 ومن الحُديبية سنة ٦ هـ إلى فتح مكة ٨ هـ سنتان عدد جيش النبي في فتح مكة ١٠ آلاف فجهد ١٩ سنة من الدعوة أثمرت ١٤٠٠ مقاتل
   
375 وجهد سنتين من صُلح الحُديبية إلى فتح مكة أثمرت ١٠ آلاف مقاتل ، فما الذي تغير ؟؟
   
376 الذي تغير أن صُلح الحُديبية أوقف تشويه قريش للإسلام ، فانطلق الدُّعاة في كل مكان يدعون بدون مضايقات من قريش .
   
377 التشوية والتضييق الذي كانت تمارسه قريش قبل صلح الحُديبية لتشويه صورة الإسلام جعل الناس تخاف وتهاب من الدخول في الإسلام .
   
378 وبعد صُلح الحُديبية انطلق الدعاة آمنين يُبينوا للناس عظمة هذا الدين ، ويُسره ورحمته ، فدخل الناس في دين الله أفواجاً .
   
379 صلح الحُديبية حَيَّد قريش فتفرغ رسول الله لعدوه اللدود يهود خيبر الذين كانوا السبب الرئيسي في جمع الأحزاب يوم الخندق .
   
380 فقضى رسول الله على يهود خيبر ، ولولا صُلح الحُديبية لساعدت قريش يهود خيبر بالمال والسلاح .
   
381 لما استقر الأمر بالرسول بعد صُلح الحُديبية ، وجد رسول الله أن الفُرصة مُواتية للدعوة خارج نطاق الجزيرة العربية .
   
382 فأرسل رسول الله إلى مُلوك العرب والعَجَم ، وكتب إليهم كُتُباً يدعوهم فيها إلى الإسلام .
   
383 قال أنس رضي الله عنه : كَتَب رسول الله إلى كسرى وإلى قَيصر وإلى النجاشي ، وإلى كل جَبَّار يدعوهم إلى الله . رواه مسلم .
   
384 بعث رسول الله عمرو بن أُمية الضَّمْري بكتاب إلى النجاشي ، فأسلم رضي الله عنه وأقرَّ بنُبُوة النبي .
   
385 وبعث رسول الله دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه بكتاب إلى قيصر ملك الروم يدعوه إلى الإسلام ، فخاف واهتزَّ ولم يُسلم .
   
386 وبعث رسول الله عبدالله بن حُذافة رضي الله عنه بكتاب إلى كسرى ملك الفرس يدعوه إلى الإسلام ، فغضب ومزَّق كتاب النبي .
   
387 وبعث رسول الله حاطب بن أبي بَلْتَعة رضي الله عنه بكتاب إلى المقوقس ملك القبط يدعوه فيها إلى الإسلام ، ولم يُسلم .
   
388 وبعث رسول الله سَلِيط بن عمرو العامري رضي الله عنه بكتاب إلى هَوْذَةَ بن علي ملك اليمامة ، فلم يُسلم .
   
389 هذه هي الكتب الخمسة التي بعث بها رسول الله رسله إلى الملوك خارج الجزيرة العربية ، وبعث كُتُباً غيرها في العام ٨ هـ .
   
390 أرسل النبي هذه الكُتُب الخمسة في مُحرم من السنة السابعة للهجرة ، فكان أثرها عظيماً في نُفُوس من أرسلت إليهم من الملوك .
   
391 قبل غزوة خيبر بثلاثة أيام وقعت غزوة ذي قَرَد ، وتسمى غزوة الغابة ، وكان بطل هذه الغزوة هو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه .
   
392 سبب هذه الغزوة أن عبدالرحمن بن عُيينة بن حصن هجم على أطراف المدينة ، وأخذ ٢٠ ناقة للنبي ، وقتل أحد المسلمين وهرب .
   
393 لحقهم سلمة بن الأكوع رضي الله عنه ركضاً على قدميه ، ومعه نَبْله وقوسه يرميهم حتى استطاع أن يسترجع عددا من نوق النبي .
   
394 وصل الخبر إلى النبي ، فصرخ في المدينة " الفزع الفزع " ، فترامت الخيول إليه ، فانطلق رسول الله يتبعهم .
   
395 خرج رسول الله في ٥٠٠ رجل من أصحابه ، وإذا سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قد استرجع كل نوق النبي .
   
396 ولحق أبو قَتَادة الحارث بن رِبعي رضي الله عنه فارس النبي بعبدالرحمن بن عُيينة بن حصن فأدركه فقتله .
   
397 عند ذلك قال رسول الله : " خَيرُ فُرْسانِنا اليوم أبوقتادة ، وخَيرُ رَجَّالَتِنا سلمة ". رواه الإمام مسلم .
   
398 وفي غزوة ذي قَرَد - وتُسمى غزوة الغابة - صلى رسول الله بأصحابه صلاة الخوف . روى ذلك الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح .
   
399 ثم جلس رسول الله مع أصحابه بذي قرد يُمازحهم ، ويُضاحكهم وقد نحر بلال رضي الله عنه ناقة ، فهو يشوي من كبدها وسنامها .
   
400 ثم رجع رسول الله إلى المدينة ، منصوراً ، وقد استرجع نُوقه بأبي هو وأمي ، وأصحابه يُطِيفُون به عليه الصلاة والسلام .
 
   
401 في محرم من السنة ٧ هـ وقعت غزوة خيبر الشهيرة ، وخيبر لا يسكنها إلا اليهود ، وخيبر هي موطن المؤامرات ضد المسلمين .
   
402 يهود خيبر هم الذين جمعوا الأحزاب لغزو المدينة وألَّبُوهم على المسلمين في غزوة الأحزاب ، فكانت خيبر هي موطن إثارة الفتن .
   
403 وعد الله سبحانه نَبيَّه بفتح خيبر في كتابه الكريم ، فقال سبحانه في سورة الفتح : " وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها ".
   
404

وكانت خيبر غنيمة خاصة لأهل الحُديبية رضي الله عنهم ، فأمر رسول الله أن لا يخرج معه إلا من شهد الحُديبية ، وكانوا ١٤٠٠ .

   
405 خرج رسول الله بجيشه إلى خيبر ، فلما وصل إلى خيبر ، رآه يهودها ، فخافوا وأغلقوا حصونهم ، وصرخوا : محمد وجيشه .
   
406 فلما رأى رسول الله خوفهم صرخ : " الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ".
   
407 بدأ حصار خيبر ، واشتد حصارها ، وبدأت بطولات الصحابة رضي الله عنهم تظهر ، وبدأت حملات الصحابة تدكهم دكاً .
   
408 ظهرت بطولات عظيمة للزبير بن العوام ، وعلي بن أبي طالب ، وأبو دجانة ، وسلمة بن الأكوع ، وغيرهم من صحابة النبي .
   
409 قَتَل علي بن أبي طالب مَرْحب اليهودي بطل اليهود ، وقَتَل الزبير ياسر أخو مَرْحب ، وفُتحت أكثر من نصف خيبر.
   
410 فلما أيقن يهود خيبر بالهلاك استسلموا ، وأرادوا مفاوضة النبي على ماتبقى من خيبر ، فوافق النبي على ذلك .
   
411 تم الاتفاق على : حقن دماء من في حصون يهود خيبر ، ترك الذرية لهم ، يخرج يهود خيبر من أرضهم ، يحملون كل ما أرادوا إلا السلاح .
   
412 فلما أراد يهود خيبر الخروج من أرضهم سألوا النبي أن يُقرَّهم في خيبر أُجراء يعملون مزارعين ولهم نصف ثمارها في السنة .
   
413 فوافق النبي على ذلك ، لأنه لم يكن للنبي ولا لأصحابه غِلمان يقومون عليها ، وكانت أرض خيبر شَاسعة واسعة وكلها نخيل .
   
414 واغتنى المسلمون بفتح خيبر ، قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : " ماشَبِعْنَا حتى فتحنا خيبر ". رواه البخاري .
   
415 وروى الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها : " لما فُتحت خيبر قُلنا : الآن نشبع من التمر ". وذلك لكثرة نخيلها .
   
416 قَدِمَ على النبي وهو في خيبر مهاجرو الحبشة وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ، ففرح بهم النبي .
   
417 وقال عليه الصلاة والسلام : " ما أدري بأيِّهما أنَا أُسَرُّ بفتح خيبر أم بِقُدُوم جعفر ". رواه الحاكم .
   
418 وقدم على النبي وهو في خيبر الأشعريون ، وكانوا ٥٣ ، فيهم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه .
   
419 وقبل قدوم الأشعريين بيوم ، قال رسول الله : " يَقدم عليكم غداً أقوام هم أرقُّ قُلُوبا للإسلام مِنكم ". فقدم الأشعريون .
   
420 وقدم على النبي وهو في خيبر قبيلة دَوْس على رأسهم الطفيل بن عمرو الدوسي ، وراوية الإسلام أبو هريرة رضي الله عنهما .
   
421 وقعت صفية بنت حيي بن أخطب في السبي ، وذلك قبل نزول خيبر على الاستسلام والصلح ، فعرض عليها رسول الله الإسلام فأسلمت .
   
422 فلما أسلمت أعتقها رسول الله ، وتزوجها ، وجعل عتاقها مهرها . وأصبحت من أمهات المؤمنين رضي الله عنها .
   
423 فلما انتهى رسول الله من أمر خيبر جاءته زينب بنت الحارث اليهودية بشاة مشوية مسمومة .
   
424 فقال رسول الله لأصحابه وقد أكلوا منها : " ارفعوا أيديكم إنها مسمومة ". فمات من السم بشر بن البراء بن معرور .
   
425 وقال رسول الله لزينب بنت الحارث : " ما كان الله ليُسلِطك عليَّ ". ثم قتلها بقتلها لبشر بن البراء رضي الله عنهما .
   
426 ظل يهود خيبر في خيبر يعملون بزراعتها ولهم نصف ثمارها ، إلى خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حيث قتلوا أحد المسلمين .
   
427 فطلب عمر رضي الله عنه منهم القاتل فرفضوا ، فأخرجهم عمر رضي الله عنه من الجزيرة إلى الشام ، وطَهَّر جزيرة العرب منهم .
   
428 رجع رسول الله إلى المدينة منصوراً ، فلما ظهر له جبل أحد قال :" هذا جبل يُحبُّنا ونُحبُّه ".متفق عليه .
   
429 وقعت غزوة ذات الرقاع بعد غزوة خيبر ، وسُميت بذلك لأنهم لَفُّوا على أرجلهم الخِرَق لأنهم لم يكن عندهم أحذية .
   
430 وسبب هذه الغزوة هو مابلغ رسول الله أن جموعا من غطفان أرادوا غزوا المدينة ، فخرج إليهم رسول الله في ٤٠٠ من أصحابه .
   
431 فلما سمعت غطفان بخروج الرسول إليهم ، هربوا من كل مكان . ووصل رسول الله إلى مكان تجمعهم وإذا هو ليس به أحد .
   
432 صلى رسول الله في غزوة ذات الرقاع صلاة الخوف ، ثم رجع رسول الله إلى المدينة .
   
433 في ذي القعدة سنة ٧ هـ خرج رسول الله للعمرة ، كما وقع في بُنود صُلح الحُديبية ، وقد مضى عام كامل على صُلح الحُديبية .
   
434 سُميت هذه العمرة عمرة القَضَاء والقَضيَّة ، لأن رسول الله قاضى قريشا في صُلح الحُديبية على أداء العمرة في العام القادم .
   
435 خرج رسول الله ومعه مِن أصحابه مَن شهد الحُديبية ١٤٠٠ إلا من مات منهم رضي الله عنهم أجمعين .
   
436 ساق رسول الله ٦٠ ناقة ، وحمل معه السلاح خوفا من غدر قريش ، وتوجه إلى مِيقات ذي الحُلَيفة وهو مِيقات أهل المدينة .
   
437 أحرم رسول الله ومن معه بالعُمرة ، ثم انطلق إلى مكة ، وهو يُلبي ، ومعه أصحابه يُلبُّون .
   
438 وصل رسول الله إلى مكة ، ودخل المسجد الحرام من باب بَني شَيبة - بعد فراق دام ٧ سنوات - فكان فَرحاً بهذه العُمرة .
   
439 استلم رسول الله الرُّكن بِمِحجنه  واضطبع بثوبه ثم طاف بالبيت ٧ أشواط ، فلما فرغ من طوافه صلى خلف مقام إبراهيم ركعتين .
   
440 ثم ذهب رسول الله ومعه أصحابه إلى المسعى ، فسعى بين الصفا والمروة على راحلته ، ثم دعا رسول الله بهَديِهِ فنحره .
   
441 ثم حلق رسول الله رأسه الشريف ، حلقه مَعْمَر بن عبدالله العَدَوِي رضي الله عنه ، وكذلك فعل أصحابه رضي الله عنهم .
   
442 مكث رسول الله وأصحابه في مكة ٣ أيام كما في بنود صُلح الحُديبية ، ولم يدخل النبي الكعبة لوجود الأصنام والصور فيها .
   
443 خرج رسول الله وأصحابه من مكة بعد أن أقاموا فيها ٣ أيام ، فلما وصل رسول الله إلى منطقة سَرِف أقام بها .
   
444 تزوج رسول الله أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث في منطقة سَرِفَ ، وهي آخر من تزوجها رسول الله ، وتُوفيت سنة ٥١ هـ .
   
445 في أوائل السنة ٨ هـ تُوفيت زينب بنت النبي ، وهي أكبر بنات النبي ، ودُفنت بالبقيع .
   
446 في صفر من السنة ٨ هـ قدم على النبي وهو في المدينة : خالد بن الوليد ، عمرو بن العاص ، عثمان بن طلحة مسلمين رضي الله عنهم .
   
447 ففرح بهم النبي فرحاً عظيماً ، وقال : " رَمَتْكُمْ مكة بأفْلاذِ أكْبَادِهَا ".
   
448 في جمادى الأولى سنة ٨ هـ وقعت غزوة مُؤتة العظيمة ، بين المسلمين والغساسنة ، وسُميت غزوة مع أن النبي لم يشهدها بنفسه.
   
449 كشف الله لنَبيِّه أحداث الغزوة وهو في المدينة .وكان سببها قَتْل رسول رسول الله الحارث بن عُمير رضي الله عنه .
   
450 وكان رسول الله بعثه بكتاب إلى ملك بُصرى في الشام ، فعرض له شُرحبيل بن عمرو الغَسَّاني فقتله لمَا عَلِمَ أنه مسلم .
 
   
451 وكان قَتْل السُّفراء والرُّسُل من أشنع الجرائم ، فقد جرت العَادَةُ والعُرْف بعدم قتلهم أو التَّعرُّض لهم .
   
452 فأمر رسول الله الناس بالتجهز لقتال الغساسنة ، فتجمع لرسول الله ٣٠٠٠ مقاتل ، وهو أكبر جيش إسلامي منذ بعثته  .
   
453 أمَّرَ رسول الله على هذا الجيش مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فإن قُتل فجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه.
   
454 فإن قُتل جعفر ، فعبدالله بن رواحة رضي الله عنه ، وعَقَد رسول الله لواء أبيض ، ودفعه إلى زيد بن حارثة رضي الله عنه .
   
455 وفي هذه الغزوة يشارك خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وهي أول معركة يشارك فيها منذ إسلامه رضي الله عنه .
   
456 وصل جيش المسلمين البالغ ٣٠٠٠ إلى منطقة مَعَان ، فبلغه خبر عدد جيش الغساسة ٢٠٠ ألف بمساعدة الروم .
   
457 ولم يكن المسلمون أدخلوا في حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم الذي فوجئوا به ، ومع ذلك لم يَهابهم كثرة عَدُوِّهم .
   
458 قَسَمَ زيد رضي الله عنه جيشه : الميمنة جعل عليها : قُطْبة بن قتادة . والميسرة جعل عليها : عَبَايَة بن مالك الأنصاري .
   
459 تحرك جيش المسلمين إلى منطقة مُؤْتة ، والتقى الجيشان ، تخيلوا ٣٠٠٠ مقاتل ، يُواجهون ٢٠٠ ألف مقاتل .
   
460 وبدأ القتال المرِير ... فعلاً معركة عظيمة ظهرت فيها بطولات عظيمة للصحابة رضي الله عنهم حَيَّرت الأعداء .
   
461 أخذ الراية زيد بن حارثة ، وجعل يُقاتل الكفار بضَرَاوة بالغة ، وبسالة نادرة ، والمسلمون معه ، حتى قُتل رضي الله عنه .
   
462 فلما قُتل زيد رضي الله عنه أخذ الراية جعفر بن أبي طالب ، وأخذ يُقاتل قتالاً عظيماً ليس له مثيل حتى قُتل رضي الله عنه .
   
463 فلما قُتل جعفر رضي الله عنه أخذ الراية عبدالله بن رواحة ، وتقدم بها وهو على فرسه يُقاتل الكفار حتى قُتل رضي الله عنه .
   
464 كشف الله أحداث المعركة لنَبيِّه وهو في المدينة ، فلما قُتل قادة مُؤتة قال رسول الله : " ما يَسرُّهم أنهم عندنا ".
   
465 قال ذلك رسول الله للنعيم الذي هُم فيه بعد استشهادهم رضي الله عنهم أجمعين .
   
466 فلما قُتل عبدالله بن رواحة سقطت الراية ، ولم يُكلف رسول الله أحداً بحملها بعده ، فتقدم ثابت بن أقْرَم وحمل الراية .
   
467 فاجتمع المسلمون حوله ، ومن بينهم خالد بن الوليد رضي الله عنه ، فدفع ثابت الراية لخالد ، فحملها .
   
468 فلما أخذ خالد رضي الله عنه الراية قال رسول الله لأصحابه وهو في المدينة : " أخذ الراية سيف من سيوف الله ".
   
469 استطاع خالد رضي الله عنه أن يُرتب جيشه ، ويَثبت أمام هذا الطُوفان من العدو ، ويبدأ الهجوم على الكفار .
   
470 ثم إنه رضي الله عنه استطاع أن يحفظ جيش المسلمين ، وينسحب بدون خسائر ، ورجع إلى المدينة .
   
471 حديث : " ليسُوا بالفُرَّار ولكنهم الكُرَّار إن شاء الله ". قاله رسول الله لجيش مؤته لما انسحب من المعركة .
   
472 والناس يقولون : يافُرار ،فذكر الحديث أخرجه ابن إسحاق في السيرة بإسناد ضعيف قال الحافظ ابن كثير : وهذا مرسل وفيه غرابة .
   
473 وكان رسول الله يتفقد آل جعفر بعد استشهاد جعفر في مؤتة ، فقال لأهله : " اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يُشغلهم " .
   
474 في جمادى الآخرة سنة ٨ هـ قال رسول الله لعمرو بن العاص : " إني أريد أن أبعثك على جيش ، فَيُسلِّمك الله ويُغْنِمُك ".
   
475 فقال عمرو رضي الله عنه : يارسول الله إني لم أسلم رَغْبَة في المال ، وإنما أسلمت رَغْبَة في الجهاد ، والكَينُونة معك .
   
476 فقال رسول الله : " ياعمرو نِعْم المال الصالح للرجل الصالح ". ثم بعثه رسول الله في سرية ذات السلاسل ومعه ٣٠٠ مقاتل .
   
477 خرج عمرو بمن معه ، والهدف جمعاً لقبيلة قُضَاعة تَجمعوا لغزو المدينة ، فباغتهم عمرو رضي الله عنه وكَبَّدهم خسائر فادحة .
   
478 ورجع إلى المدينة مُنتصرا ، ولم يُقتل أو يُجرح أحد من المسلمين في سرية ذات السلاسل ففرح بهم النبي الله فرحاً عظيماً .
   
479 في شعبان سنة ٨ هـ بعث رسول الله أبا قتادة الحارث بن رِبْعي في سرية ، والهدف حَشد لقبيلة غطفان يُريد غزو المدينة .
   
480 فاستطاع أبو قتادة رضي الله عنه ومن معه أن يُباغتوا حَشد قبيلة غطفان ، ويَقتل منهم ويَسبي منهم ، وفَرَّ بعضهم .
   
481 في ١٠ رمضان من السنة ٨ هـ وقع أعظم فتح في الإسلام فتح مكة ، وكان يوماً مشهوداً ، أعز الله به دينه ورسوله .
   
482 وكان سبب هذا الفتح العظيم هو غدر بَني بكر وقريش في خزاعة التي دخلت في حلف النبي يوم الحُديبية ، فقتلوا منهم ٢٠ رجلا .
   
483 فخرج عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم على النبي المدينة ، فوقف عليه وهو في المسجد ، وأخبره خبر الغدر كاملاً .
   
484 فقال رسول الله : " نُصِرْت ياعمرو بن سالم ". ثم خرج من مكة وَفْد من خُزاعة وأخبروا رسول الله بالخبر .
   
485 خافت قريش من هذا الغدر ، وأرسلت أبا سفيان ليُجدد الصُلح مع رسول الله ، فلم يخرج منه بشي ، ورجع أبوسفيان خائباً .
   
486 تهيأ رسول الله للفتح العظيم ، وسأل ربه أن يُعْمي عن قريش خبره ، فقال : " اللهم خُذ العيون والأخبار عن قريش ".
   
487 وأمر رسول الله أصحابه للخروج ، وأرسل إلى كل القبائل المسلمة أن يَتجهزوا للخروج معه .
   
488 تجمع للنبي ١٠ آلاف ، وهو أكبر جيش يتجمع للمسلمين من بعثته ، وكان خروجه من المدينة يوم ١٠ رمضان سنة ٨ هـ .
   
489 في طريقه إلى مكة لقيه ابن عمه أبوسفيان بن الحارث ، وابن عمته عبدالله بن أبي أمية بن المغيرة مسلمين .
   
490 واصل النبي طريقه إلى مكة وهو صائم ، والناس معه صيام ، وقد صَبَّ رسول الله الماء على رأسه ووجهه من شدة العطش .
   
491 فلما بلغ رسول الله الكَديدَ وهو ماء بين عُسْفَان وقُديد ، قال لأصحابه : " إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم ".
   
492 فأفطر رسول الله ، وأفطر الناس ، فكانت رُخْصَة ، ثم دعا رسول الله بإناء ، فشرب نهاراً ليراه الناس .
   
493 ولما بلغ رسول الله الجُحْفَة لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب مُهاجرا بأهله وعياله إلى المدينة ، ففرح به النبي .
   
494 وما كان العباس رضي الله عنه يعلم بقدوم جيش المسلمين ، وهو آخر من هاجر إلى المدينة ، لأن بعده فُتحت مكة وانقطعت الهجرة .
   
495 قال رسول الله : " لا هجرة بعد الفتح - أي فتح مكة - ". والمقصود بالهجرة في الحديث الهجرة الخاصة من مكة إلى المدينة .
   
496 حديث : " ياعم اطمئن فإنك خاتم المهاجرين في الهجرة  كما أنا خاتم النَّبيِّين في النُّبوة ". رواه أحمد بإسناد ضعيف جداً .
   
497 أكمل رسول الله طريقه إلى مكة ، فلما وصل إلى منطقة الظهران عشاءً ، أمر أصحابه بإيقاد النيران ، فأوقدوا النار .
   
498 وكان الله سبحانه قد أخذ العُيُون عن قريش ، فانقطعت أخبار النبي عنهم تماماً ، ولا يَدرون ما سيفعل النبي بغدرهم .
   
499 فخرج أبو سفيان ، وحكيم بن حِزام ، وبُديل بن وَرقاء رضي الله عنهم - وكلهم أسلم بعد الفتح - يبحثون عن الأخبار .
   
500 فخرجوا من مكة ، حتى أتوا مَر الظهران ، وإذا بهم يرون نيران كثيرة - ١٠ آلاف مقاتل - ففزعوا منها فزعاً شديداً .
 
   
501 في هذه الفترة كان العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه يبحث عن أحد يُخبر قريش بأمر النبي ، حتى تَستسلم قريش ولا تُقاتل .
   
502 فرأى العباس أباسفيان سيد مكة ومعه حكيم بن حزام وبُديل بن ورقاء ، فأقنع العباس أبا سفيان بالاستسلام وأن لا تُقاتل قريش .
   
503 فلما رأى أبوسفيان حجم جيش النبي ١٠ آلاف مُقاتل ، عَلِمَ أنه لا طاقة له بقتال النبي ، ووافق على الاستسلام .
   
504 فذهب العباس بأبي سفيان إلى النبي ليُسلِّم له مكة ، فلما دخل أبوسفيان على النبي ، دعاه النبي إلى الإسلام فأسلم .
   
505 ثم قال النبي لأبي سفيان : " مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومَن دخل المسجد فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ".
   
506 ثم انطلق أبوسفيان واجتمع بأهل مكة ، وأخبرهم خبر النبي ، وأنه لا طاقة لأحد به ، وأنه لا نَجاة لأحد يَخرج مِن بيته .
   
507 هنا أمر النبي بالتحرك لدخول مكة ، وقال لأصحابه : " لا تُقاتلوا إلا من قاتلكم ، ونَهاهم عن قَتْل النساء والصبيان ".
   
508 ثم دخل النبي مكة من أعلاها من كَدَاء في كتيبته الخضراء وذلك يوم الجمعة ١٩ رمضان من السنة ٨ هـ ، وكان يوماً مشهوداً .
   
509 وكان رسول الله على ناقته القَصْواء لما دخل مكة ، وكان في شدة التواضع لربه سبحانه الذي أكرمه بهذا الفتح فتح مكة .
   
510 وكان رسول الله يَقرأ سورة الفتح وهو على ناقته ، يرفع بها صوته ، وأهل مكة من بيوتهم ينظرون إلى هذا المشهد العظيم .
   
511 ثم ضُربت للنبي في منطقة الخَيْف خيمة كما أمر ونزل بها ، فجاءته أم هانئ تستأذن عليه فقال : " مرحباً ياأم هانئ " .
   
512 فقالت أم هانئ للنبي : يارسول الله أجرة فلان وفلان ، قريبين لها فقال رسول الله : " قد أجرنا مَن أجرتِ ياأم هانئ " .
   
513 ثم قام رسول الله حتى أتى المسجد الحرام ، والمهاجرون والأنصار بين يديه ، وخلفه ، وحوله ، يُهلِّلون ، ويُكبِّرون .
   
514 فأقبل رسول الله إلى الحجر الأسود فاستلمه بِمِحجن كان في يده ، ثم طاف بالبيت سبعاً على راحلته ، وحول البيت ٣٦٠ صنم .
   
515 فجعل رسول الله كلما دَنا من صنم يَطْعنها بِمِحجنه ، ويقول : " وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ".
   
516 قُل جاء الحق وما يُبدئ الباطلُ وما يُعيد ". فما يُشير رسول الله بِمِحجنه على صنم في وجهه إلا وقع لِقفاه .
   
517 فإذا وقع الصنم قام الصحابة رضي الله عنهم بتكسيره ، حتى كُسِّرت كل الأصنام ٣٦٠ التي كانت حول الكعبة .
   
518 ثم نادى رسول الله حاجب الكعبة عثمان بن طلحة رضي الله عنه - وهو الذي عنده مفتاح الكعبة - .
   
519 فأمره رسول الله أن يفتح الله الكعبة ، فلما فتحها ، أمر رسول الله عمر بن الخطاب أن يزيل الصور التي فيها ، فأزالها.
   
520 ثم دخل النبي الكعبة وأدخل معه بلال بن رباح وأسامة بن زيد رضي الله عنهما ، وأغلق عليهم الباب فمكث فيه طويلاً .
   
521 جعل رسول الله عموداً عن يساره ، وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ٦ أعمدة وصلى فيه ركعتين .
   
522 ثم خرج رسول الله من الكعبة ، وقد تَجمَّع أهل مكة له ، فخطب فيهم خطبة عظيمة ، حَمِدَ فيها ربه ، وأثنى عليه .
   
523 ثم قال : " يامعشر قريش ماترون أني فاعل بكم "؟؟ قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم .
   
524 فقال : " أقول لكم كما قال يوسف لإخوته : " لا تثريب عليكم اليوم " ، اذهبوا فأنتم الطُلقاء ".
   
525 ثم جلس رسول الله في المسجد وفي يده مفتاح الكعبة ، فقال له علي بن أبي طالب : يارسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية .
   
526 فقال : " أين عثمان بن طلحة "؟؟ فدُعي له ، فقال : " خُذوها يابَني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ".
   
527 فلما استقر الأمر برسول الله جاءه أهل مكة يُبايعونه ، فجاء أبوبكر الصديق بوالده أبي قُحافة ، فأسلم بين يديه .
   
528 ثم بايع رسول الله نساء قريش وأفتى رسول الله بعدة فتاوى : تحريم بيع : ١- الخمر ٢- الميتة ٣- الخنزير ٤- الأصنام .
   
529 كان لفتح مكة أثرٌ عظيم في نفوس العرب ، وذلك أنهم كانوا ينتظرون نتيجة الصراع بين المسلمين وقريش .
   
530 فلما انتصر رسول الله على قريش ، وفُتحت مكة دخل الناس في دين الله أفواجا .
   
531 أقام النبي في مكة بعد فتحها ١٩ يوما، وفي يوم السبت ٦ شوال من السنة ٨ هـ خرج إلى حُنين ، وهو وادٍ قريب من الطائف .
   
532 كان سبب توجّهه إلى حُنين مابلغه عن هوازن أهل الطائف بجمع الجموع الكثيرة لقتاله وهو في مكة، فتوجه إليهم قبل أن يأتوه .
   
533 اجتمع لهوازن ٢٠ ألف مقاتل ، وخرجوا بنسائهم وأطفالهم وأموالهم من الإبل والغنم ، وكان قائدهم مالك بن عوف .
   
534 خرج النبي من مكة ومعه ١٢ ألف مقاتل ، ١٠ آلاف الذين جاؤوا معه من المدينة لفتح مكة ، وألفان من أهل مكة وهم الطُلقاء .
   
535 استعمل النبي على مكة يحكمها بعد خروجه منها : عَتَّاب بن أسيد رضي الله عنه ، وهو أول أمير على مكة في الإسلام .
   
536 في طريق النبي إلى حُنين مر على شجرة عظيمة يُقال لها " ذات أنواط " كان العرب  يتمسحون بها ويتبركون بها ويعبدونها .
   
537 فقال الطُلقاء من أهل مكة - وكان في إسلامهم ضعف - : يارسول الله اجعل لنا " ذات أنواط " كما لهم " ذات أنواط ".
   
538 فغضب رسول الله ، وقال : " الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلـٰهاً كما لهم آلهة ".
   
539 وصل النبي إلى وادي حُنين ، وفي السَّحر عبأ رسول الله جيشه ، وعقد الألوية والرايات ، ورتب جنده في هيئة صفوف منتظمة .
   
540 استعمل النبي على الفُرسان خالد بن الوليد رضي الله عنه وبشَّر أصحابه بالفتح والنصر إن صبروا وثبتوا .
   
541 كان بعض المسلمين من الطُلقاء قد أُعجب بكثرتهم، وقالوا: والله لا نُغلب اليوم من قِلة ، فكان اتكالهم على عددهم .
   
542 بدأ المسلمون بالنزول إلى وادي حنين - وكان مُنحدراً شديداً - وكانوا لا يدرون بوجود كَمين لهوازن في أسفل الوادي .
   
543 فلما نزلوا الوادي ، ما فاجأهم إلا كتائب هوازن قد شَدَّت عليهم شَدَّة رجل واحد ، وبدأ الضرب بخالد بن الوليد حتى سقط .
   
544 وانكشفت خيل بني سُليم مُولية ، وتبعهم أهل مكة - وهم الطُلقاء - وبدأ فِرار المسلمين من كل مكان .
   
545 قال البراء بن عازب : فلقوا - أي المسلمون - قوماً رُماة لا يَكاد يَسقط لهم سَهْم فرَشَقُوهم رشقاً ، ما يَكادون يُخطئون .
   
546 انحاز النبي ذات اليمين ، وثبت معه نفرٌ قليل من المهاجرين والأنصار ، وأهل بيته ، فيهم : أبو بكر ، وعُمر ، وعلي .
   
547 فأخذ رسول الله يُنادي الذين فرَّوا من المسلمين : " إليَّ عِباد الله هَلُمُّوا إليَّ ، أنا رسول الله ، أنا محمد ".
   
548 ولم يلتفت منهم أحد إليه ثم أخذ رسول الله يركض ببغلته قِبَل المشركين ، ويقول : أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبدالمطلب .
   
549 وكان العباس آخذ بلِجَام بغلته ، وابن عمه أبوسفيان بن الحارث آخذ بِرِكَابِها يَكُفَّانها عن الإسراع نحو العدو .
   
550 ثم نَزَل رسول الله عن بغلته ، فاستنصر ربه ودعاه قائلاً : " اللهم نَزِّل نصرك ، اللهم إنْ تشأ لا تُعبد بعد اليوم ".
 
   
551 وأخذ رسول الله يُقاتل ، والصحابة الذين ثبتوا يُقاتلون معه ، ويَتَّقون به لشجاعته وعظيم ثباته في مثل هذه المواقف .
   
552 قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كُنَّا إذا احمر البأس ، ولقي القومُ القومَ ، اتَّقينا برسول الله .
   
553 ثم قال رسول الله لعمه العباس ، وكان رجلا صَيِّتا : " ياعباس ناد أصحاب السَّمُرَة ". - وهي الشجرة - .
   
554 فنادى العباس الصحابة الذين بايعوا رسول الله بيعة الرضوان - تحت الشجرة - فلما سمع المسلمون صوته أقبلوا .
   
555 وهم يقولون : لبيك لبيك ، حتى إن الرجل ليُثني بعيره ، فلا يقدر على ذلك ، ويقتَحِم بعيره ، ويُخلي سبيله ، ويَقصد العباس .
   
556 قال العباس رضي الله عنه : والله لكأنَّ عطفتهم حين سمعوا صوتي ، عَطْفة البقر على أولادها ، وفاء ببيعة الرضوان .
   
557 وتجالد الناس مُجالدة شديدة ، وأشرف النبي من على بغلته ، ثم قال : " الآن حَمى الوَطيس ".
   
558 ثم أخذ النبي حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ، وقال : " شاهت الوجوه ". فلم يبق منهم أحد إلا وامتلأت عيناه وفمه بالتراب .
   
559 ثم قال رسول الله : " انهزموا ورب الكعبة ، انهزموا ورب الكعبة ". ثم أيَّد الله رسوله والمؤمنين بنزول الملائكة .
   
560 قال الله تعالى : " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حُنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تُغن عنكم شيئا ...".
   
561 لم تُقاتل الملائكة في غزوة حُنين ، وإنما نزلت لتخويف الكفار ، وإلقاء الرُّعب في قلوبهم .
   
562 لم تُقاتل الملائكة في غزوة قط إلا في غزوة بدر الكُبرى ، وهذا من خصائصها ، كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما .
   
563 لما نزلت الملائكة هرب الكفار من كل مكان، وسأل الرسول عن خالد بن الوليد، فوجده جريحا مستندا على راحلته لا يستطيع الحركة .
   
564 فأتاه النبي ، وأخذ يَنفث على جراحه ويَمسحها بيده الشريفة ، حتى شُفي خالد من جراحه ، فهذه من معجزاته .
   
565 انطلق المسلمون يتبعون الكفار يَقتلون فيهم ويَأسرون ، حتى ترك الكفار أرض المعركة ، وتركوا نساءهم وذراريهم وأنعامهم .
   
566 وقعت كل غنائم الكفار بيد المسلمين ، وكانت غنائم عظيمة : ٢٤ ألف من الإبل ، ٤٠ ألف شاة ، ٤ آلاف أوقية من الفضة .
   
567 غير النساء والأطفال ، فأمر النبي أن تُجمع هذه الغنائم في منطقة الجِعرانة فجُمعت ، وجعل عليها حراسة .
   
568 ولم يَقسم النبي الغنائم ، وأمر بمتابعة الكفار الذين توجهوا إلى الطائف وتحصنوا بها .
   
569 غزوة الطائف هي في الحقيقة امتداد لغزوة حُنين ، وذلك أن مُعظم فُلُول هوازن فروا من حُنين وتحصنوا بالطائف .
   
570 وصل النبي إلى الطائف وحاصرها ، واشتد الحصار ، لكن مافي أي مؤشرات لفتح الطائف لقوة حصونها .
   
571 ثم إن رسول الله رأى رؤيا في منامه أنه لم يُؤذن له بفتح الطائف ، ثم أخبر الناس برؤياه .
   
572 ثم نادى مناد رسول الله بالرحيل ، وترك الطائف ، فقال المسلمون : ادعُ الله عليهم، فقال " اللهم اهد ثقيفا وائت بهم ".
   
573 غادر رسول الله الطائف متوجها إلى الجعرانة ، وفي الطريق لقيه سُراقة بن مالك رضي الله عنه ، وأعلن إسلامه بين يديه .
   
574 وصل النبي إلى الجعرانة ، وبدأ بتوزيع غنائم حُنين ، فأعطا سادة العرب : كأبي سُفيان ، وعُيينة بن حِصن ١٠٠ من الإبل .
   
575 أعطى رسول الله سادة العرب هذا العطاء الكبير، ليؤلف به قلوبهم ، كي يتمكن الإسلام من قلوبهم ، فما زال في إسلامهم ضعف .
   
576 أعطى النبي كل الناس إلا الأنصار رضي الله عنهم لم يُعطهم شيئا من الغنائم ، فآثر النبي في العطاء العرب على الأنصار .
   
577 فبدأ الأنصار يشكون بعضهم لبعض وذهب سيد الأنصار سعد بن عُبادة إلى النبي وقال له : يارسول الله إن الأنصار وجدوا عليك .
   
578 فقال رسول الله لسعد : " اجمع لي الأنصار ". فذهب سعد وجمع الأنصار ، ثم أخبر النبي بذلك ، فجاءهم النبي .
   
579 فقال لهم : " يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم ، أوجدتم في أنفسكم في لُعاعة من الدنيا ، تألفت بها قوما ليسلموا . يتبع...
   
580 ووكلتكم إلى إسلامكم ، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعون برسول الله ". فبكى الأنصار بكاء شديداً .
   
581 بَيَّن النبي لأصحابه الحكمة في إعطاء سادات العرب الأموال العظيمة ، وحرمان بعض الصحابة ، وهو خوفه من ارتدادهم .
   
582 قال : " إني أُعطي قوماً أخاف ظَلَعَهم وجزعهم ، وأَكِلُ أقواماً إلى ماجعل الله في قلوبهم من الخير والغنى ".
   
583 بعدما فرغ النبي من توزيع غنائم غزوة حُنين بالجِعرانة ، أهَلَّ بالعُمرة ليلاً ، وهذه العُمرة تُسمى عُمرة الجِعرانة .
   
584 ثم رجع النبي إلى المدينة منصوراً ومؤيداً من الله سبحانه وتعالى ، فقدمها في ذي القعدة من السنة ٨ للهجرة .
   
585 في ذي القعدة من السنة ٨ هـ وُلِدَ إبراهيم بن النبي في منطقة العالية حيث أنزل النبي أمه مَارية القبطية .
   
586 وكانت مارية القبطية أَمَة عند النبي أهداها له المقوقس عظيم القبط ، فكان النبي يَطؤها بملك اليمين ، ولم تكن زوجة .
   
587 روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنس قال قال النبي : " وُلِد لي الليلة غُلام ، فسميته باسم أبي إبراهيم ".
   
588 وتنافست نساء الأنصار في إبراهيم أيَّتُهُن ترضعه ، لأن أمه مارية القبطية كانت قليلة الحليب ، فدفعه النبي إلى أم سَيف .
   
589 قال أنس : ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من النبي ، كان يدخل على ابنه إبراهيم ، فيأخذه ويُقبِّله .
   
590 دخل العام ٩ هـ ، والذي يُسميه أهل السِّير والمغازي عام الوفود ، فأقام النبي طيلة العام ٩ هـ بالمدينة يستقبل الوفود .
   
591 بلغ عدد الوفود - وهي رؤوس القبائل - التي قدمت المدينة لتعلن إسلامها أكثر من ٦٠ وفدا ، فكان العام ٩ هـ حافلا بالوفود .
   
592 فمن الوفود التي قدمت المدينة سنة ٩ هـ : ١- وفد باهلة  ٢- وفد بني تميم  ٣- وفد بني أسد  ٤- وفد بَجِيلَة وأَحْمَس . وغيرها .
   
593 في رجب من السنة ٩ هـ تُوفي النجاشي أصْحَمَة - ملك الحبشة - رضي الله عنه بالحبشة ، وصلى عليه النبي صلاة الغائب .
   
594 قال جابر بن عبدالله قال رسول الله : " مات اليوم رَجُلٌ صالح ، فَقُوموا فَصلُّوا على أخيكم أصْحَمَة ". متفق عليه .
   
595 وقال أبوهريرة : أن رسول الله نَعَى لهم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه ، وقال : " استغفروا لأخيكم ".
   
596 وقال جابر بن عبدالله : " أن نَبي الله صَلَّى على النجاشي ، فصَفَّنا وراءه ، فكنتُ في الصَّفِّ الثاني ، أو الثالث ".
   
597 في رجب من السنة ٩ هـ وقعت آخر غزوة من غزوات النبي ، وهي غزوة تبوك ، وتبوك تبعد عن المدينة ٧٠٠ كيلو تقريبا .
   
598 وكانت هذه الغزوة مع أعظم دولة في العالم في ذلك الوقت ، وهي الروم ، وأمر النبي أصحابه بالتَّهيُّؤ لغزو الروم .
   
599 وجاء وقت غزوة تبوك في ظروف قاسية - الحر شديد ، والمسافة بعيدة جدا - ولذلك تُسمى أيضا غزوة العُسْرَة .
   
600 ولم يكن الخروج لغزوة تبوك على التَّخيير ، وإنما كان على الوجوب ، يجب على كل مسلم الخروج ، إلا لمن له عذر كمرض ونحوه .
 
   
601 ثم حَثَّ النبي الصحابة على الإنفاق لتجهيز جيش العُسْرة ، فتسابق الصحابة رضي الله عنهم إلى التنافس في الإنفاق .
   
602 فجاء أبوبكر الصديق بكُلِّ ماله ، فأنفقه على جيش العُسْرة ، وجاء عمر رضي الله عنه بنصف ماله ، وأنفقه على جيش العُسْرة .
   
603 وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه نفقة عظيمة على جيش العُسْرة ، ماسُمِعَ بمثلها .
   
604 فلما رأى النبي هذه النفقة العظيمة من عثمان سُرّ سروراً عظيماً ، وقال : " ما ضَرَّ عثمان ما عَمِلَ بعد اليوم ".
   
605 وجاء عبدالرحمن بن عوف بثمانية آلاف درهم ، وتتابع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين في الإنفاق لتجهيز جيش العُسْرة .
   
606 فلما رأى المنافقون هذا الإنفاق من الصحابة رضي الله عنهم أخذوا يستهزئون بهم ، فإذا أنفق الغني ، قالوا عنه : مُرائي .
   
607 وإذا أنفق صاحب المال القليل ، ولو بصاع قال المنافقون : إن الله غني عن صاع هذا ، فهكذا كان موقف المنافقين المتخاذل .
   
608 فأنزل الله في المنافقين : " الذين يَلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم ..".
   
609 تَخلَّف عدد من الصحابة الصادقين عن غزوة تبوك بغير عذر ، وكانوا نَفَرَ صدق ، لا يُتَّهمون في إسلامهم .
   
610 مِن الذين تَخلَّفوا بغير عذر : ١- كعب بن مالك  ٢- هلال بن أمية  ٣- مُرارة بن الربيع  ٤- أبو لُبابة بن عبدالمنذر ، وغيرهم .
   
611 خرج النبي بجيشه العظيم ٣٠ ألف مقاتل ، وهو أعظم جيش يتجمع للمسلمين مُنذ بعثته .
   
612 وخَلَّف النبي علي بن أبي طالب رضي الله عنه على أهله وأمره بالإقامة فيهم ، فقال علي : أتُخلِّفني في الصبيان والنساء .
   
613 فقال له النبي : " أمَا تَرضى أن تَكون مِني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي ".
   
614 مضى النبي بجيشه الكبير ، وعسكر في ثنية الوداع وهناك عقد الألوية والرايات ، وكان في جيشه عدد كبير من المنافقين .
   
615 مَرَّ النبي وهو في طريقه إلى تبوك بالحِجْر ديار ثمود - وهم قوم صالح عليه السلام - فاستعجل النبي راحلته .
   
616 ونزل النبي قريبا من ديار ثمود ، ولم يَدخلها ، فاستقى الناس من بئر كان بالحِجْر ، واعْتَجنوا به عجينهم .
   
617 فلما عَلِمَ النبي بهم ، قال : " لا تدخلوا على هؤلاء القوم الذين عُذِّبُوا ، فإني أخاف أن يُصيبكم مثل ما أصابهم ".
   
618 ثم أمرهم أن لا يَشربوا من بئرها ولا يَستقوا ، فقالوا : عَجنَّا منها واستقينا ، فأمرهم أن يُلقوا ذلك العجين والماء .
   
619 ثم إن النبي خطب في أصحابه خطبة عظيمة حذرهم فيها من الدخول على أماكن عُذِّب فيها الكفار ، خَشية أن يُصيبهم ما أصابهم .
   
620 أكمل النبي طريقه إلى تبوك ، وكان يَجمع بين الصلوات ، فكان يَجمع الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء جميعاً .
   
621 أكمل النبي طريقه إلى تبوك ، وقد أصاب الناس العطش ، واشتدت حاجتهم إلى الماء ، فشكا الناس ذلك للنبي .
   
622 فدعا النبي ربه أن يُنزل عليهم المطر ، فتجمع السحاب ، ونزل عليهم المطر ، فشربوا ، وملؤوا ما معهم .
   
623 في الطريق إلى تبوك نزل الجيش في الليل ، وقُبيل صلاة الفجر ذهب النبي لقضاء حاجته ومعه المغيرة بن شعبة رضي الله عنه .
   
624 تأخر النبي على الصحابة رضي الله عنهم في صلاة الفجر ، فقدَّم الصحابة عبدالرحمن بن عوف ليُصلي بهم إماما في صلاة الفجر .
   
625 فلما بلغ عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه الركعة الثانية جاء النبي ، فأدرك ركعة ، وأتم ركعة ﷺ .
   
626 فلما سَلَّم عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وإذا بالنبي يُتم الركعة التي فاتته فوقع ذلك في قلوب الصحابة رضي الله عنهم .
   
627 فلما سلَّم النبي قال لهم : " أحسنتم " أو " أصبتم ". فأقرَّهم النبي على عدم انتظاره في سبيل إقامة الصلاة على وقتها .
   
628 وأما حديث : " ما قُبض نَبي حتى يُصلي خلف رجل صالح من أمته ". فقد رواه الإمام أحمد ، وابن سعد في طبقاته وهو حديث ضعيف .
   
629 أكمل طريقه إلى تبوك ، وقال لأصحابه : " إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك ، فمن جاءها فلا يمس من مائها حتى آتي ".
   
630 فلما وصل المسلمون إلى تبوك ، وجدوا عينها قليلة الماء وإذا رجلان من المنافقين أخذوا ماءها وكان النبي نهاهم عن ذلك .
   
631 فلما رأى النبي أن رَجُلين سبقاه إلى عين تبوك وأخذا من مائها لَعنهُما ، ثم غَسل رسول الله وجهه ويديه من ماء تبوك .
   
632 ثم قال النبي لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : " يُوشك يامعاذ إنْ طالت بك حياة ، أنْ تَرى ما ها هنا قد مُلئ جناناً ".
   
633

ثم ضُرِبت للنبي قُبَّة - أي خيمة - وأقام النبي في تبوك ٢٠ يوما ، ولم يَلق كيداً ، ولم يُواجه عدواً .

   
634 ثم أخذ النبي يُرسل السرايا إلى القبائل على أطراف الشام ، وأرسل رسالة إلى قيصر عظيم الروم .
   
635 صالح النبي أهل أَيْلَة ، ويهود جَرْبَاءَ وأَذْرُح ، وبعث خالد بن الوليد ومعه ٤٢٠ مقاتل إلى أُكَيْدر دُومة الجَنْدَل .
   
636 فصالح أُكَيْدَر دُومة الجَنْدل النبي على الجزية ، وأهدى أُكيدر النبي بغلة ، وجُبَّة من سُندس مَنسُوج فيها الذهب .
   
637 فعجب الصحابة من جمال الجُبَّة ، فقال النبي : " أتعجبون من لين هذه ؟؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين ".
   
638 ثم بعث النبي دحية الكلبي برسالة إلى قيصر عظيم الروم يدعوه فيها إلى ٣ خصال : " إما الإسلام أو الجزية أو القتال ".
   
639 فجمع قيصر بطارقته وقرأ عليهم رسالة النبي ، فقالوا : والله ماندخل في دينه ولا ندفع له الجزية ، ولا نقاتله .
   
640 ثم أرسل قيصر رسالة إلى النبي بهذا الأمر ، فاكتفى النبي بذلك وسمعت العرب أن الروم خافت من قتال النبي .
   
641 رجع النبي إلى المدينة ، بعد أن أقام في تبوك ٢٠ يوما ، ولم يلق كيداً من أي عدو .
   
642 فلما وصل النبي إلى وادي القرى قال لأصحابه : " إنِّي مُتعجِّلٌ إلى المدينة فمن أراد منكم أن يَتعجَّل معي فليتعجل ".
   
643 فلما وصل النبي بذي أوان نزل عليه الوحي ، وأخبره ببناء المنافقين مسجد الضرار ، فأمر النبي بحرقه بالنار وهدمه .
   
644 ثم قال النبي لأصحابه : " إن بالمدينة أقواماً ماسرتم مسيراً ، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم فيه ، حبسهم العُذر ".
   
645 فلما أشرف النبي على المدينة ، قال " هذه طيبة أو طابة ". فلما رأى جبل أُحُد ، قال " هذا جبل نُحِبُّه ويُحبُّنا ".
   
646 وتسامع الناس بمقدم النبي ، فخرجوا إلى ثَنيَّة الوداع يَتلقَّونه ، بحفاوةٍ وفرحٍ وسُرورٍ بالغ .
   
647 قال السائب بن يزيد : أذكر أنَّي خرجت مع الصبيان نَتلقَّى النبي إلى ثَنيَّة الوداع مقدمه من غزوة تبوك . رواه البخاري .
   
648 انقسم الناس في غزوة تبوك إلى ٤ أقسام : ١- مأمورين مأجورين كعلي بن أبي طالب ، ومحمد بن مسلمة ، وابن أم مكتوم .
   
649 ٢- معذورين : وهم الضُّعفاء والمرضى . ٣- عُصاة مُذنبين : كالثلاثة الذين خلفوا . ٤- ملومين مذمومين  : وهم المنافقون .
   
650 - فأمر النبي بمقاطعة كل مَن تَخلَّف عن غزوة تبوك ممن لا عُذر له ، فأعرض عنهم النبي والمؤمنون .
 
   
651 جاء الأعراب إلى النبي يعتذرون بأعذار واهية عن تخلفهم عن غزوة تبوك ، فعذرهم النبي ، وَوَكِلَ سرائرهم إلى الله .
   
652 وأرجأ النبي أمر ٣ من الصحابة الصادقين ، وهم : كعب بن مالك ، هلال بن أمية ، مرارة بن الربيع . رضي الله عنهم أجمعين .
   
653 هؤلاء الصحابة الثلاثة رضي الله عنهم اعترفوا للنبي أن ليس لهم عذر بتخلفهم عن غزوة تبوك .
   
654 قال الله عن الثلاثة الذين تخلفوا عن تبوك : " وآخرون مُرجون لأمر الله إما يُعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم ".
   
655 ثم إن الله تاب على هؤلاء الثلاثة لصدقهم ، رضي الله عنهم ، فأنزل في توبته عليهم الآية رقم ١١٧ - ١١٨ من سورة التوبة .
   
656 لما استقر النبي في المدينة بعد عودته من آخر غزوة غزاها - وهي تبوك - سارعت القبائل إليه في المدينة لِتُعلن إسلامها .
   
657 في أواخر العام التاسع الهجري تُوفيت أم كلثوم بنت النبي . وتُوفي رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول قَبّحه الله .
   
658 في أواخر شهر ذي القعدة سنة ٩ هـ ، بعث النبي أبا بكر الصديق أميرا على الحج ، لِيُقيم للمسلمين حجهم .
   
659 وأمر النبي أبا بكر بأمور يُعلنها بالحج : لا يَحجنَّ بعد هذا العام مشرك ، لا يطوف بالبيت عُريان ، لا يدخل الجنة إلا مؤمن .
   
660 في ربيع الأول سنة ١٠ هـ تُوفي إبراهيم بن النبي وعُمُره سنة وأربعة أشهر ، ودخل عليه النبي ، وعيناه تدمعان .
   
661 قال النبي : " إن إبراهيم ابني ، وإنه مات في الثدي - أي في فترة الرضاع - وإن له لَظِئْرَين تُكملان رضاعه في الجنة ".
   
662 ودُفِنَ إبراهيم في مقبرة البقيع ، وانكسفت الشمس يوم مات إبراهيم بن النبي ، فقال الناس : إنما انكسفت لموت إبراهيم .
   
663 فقال النبي : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتموها فادعوا وصلّوا ".
   
664 في ذي القعدة من السنة ١٠ للهجرة أُذِّن في الناس أن النبي يريد الحج هذه السنة .
   
665 فقدم المدينة بشرٌ كثير ، كلهم يلتمس أن يأتَمَّ بالنبي . قال جابر : فلم يَبْقَ أحد يقدر على أن يأتي إلا قَدِمَ .
   
666 سُمِّيت هذه الحجة باسم حجة الوداع لأن النبي ودَّع الناس فيها ، ولم يحج بعدها .
   
667 خرج مع النبي في هذه الحجة المباركة أكثر من ١٠٠ ألف حاج ، وخرج بكل نسائه التسع رضي الله عنهن أجمعين .
   
668 انطلق النبي إلى ميقات ذي الحُليفة فاغتسل لإحرامه ، ثم طيَّبته عائشة رضي الله عنها ، ثم لبس إحرامه بأبي هو وأمي .
   
669 في ميقات ذي الحُليفة ولدت أسماء بنت عُميس زوجة أبي بكر الصديق ولدها محمد فأمرها النبي أن تغتسل وتستثفر بثوب وتُحرم .
   
670 ثم لَبَّىٰ النبي ، والناس معه يُلبون ، وجاء جبريل إلى النبي ، وأمره أن يأمر أصحابه برفع أصواتهم بالتلبية .
   
671 حجّ النبي قارناً ، فلما وصل إلى منطقة سَرِف حاضت عائشة رضي الله عنها فأمرها النبي أن تعمل كل شيء إلا الطواف .
   
672 وصل النبي لمكة يوم الأحد لأربع ليال خلون من شهر ذي القعدة سنة ١٠ هـ ، دخل المسجد الحرام يوم الأحد ضُحى .
   
673 ودخله من باب عبد مناف وهو باب بني شيبة ، والمعروف اليوم بباب السلام ، ثم أدى العُمرة .
   
674 فلما انتهى النبي من عمرته نزل الأبْطح شرقي مكة ، فلما كان يوم ٨ من ذي الحجة ، وهو يوم التروية خرج النبي إلى منى .
   
645 صلى النبي بِمِنَى الظهر والعصر والمغرب والعشاء من يوم الخميس ٨ ذي الحجة ، والفجر من يوم الجمعة ٩ ذي الحجة .
   
676 فلما طلعت الشمس من يوم الجمعة ٩ ذي الحجة نهض النبي إلى عرفة ، حتى إذا زالت الشمس سار حتى أتى بطن الوادي من أرض عرنة .
   
677 هناك بأرض عُرنة خطب رسول الله خطبته الشهيرة خطبة عرفة ، وهو على راحلته القصواء .
   
678

خطب رسول الله بعرفة خطبة عظيمة جامعة قرَّر فيها قواعد الإسلام ، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية .

   
679 لا يسع المقام لذكر خطبة النبي يوم عرفة ومَن أرادها بالتفصيل ، فليرجع لكتابنا اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون .
   
680 فلما فرغ رسول الله مِن خطبته بعرفة ، صلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً ولم يُصلي بينهما شيئاً .
   
681 ثم ركب النبي ناقته القصواء حتى أتى الموقف واستقبل القبلة ، فلم يزل واقفا مشتغلا بالدعاء والتضرع حتى غربت الشمس .
   
682 وأخبر النبي الناس أن أفضل الدعاء دُعاء يوم عرفة ، ونزل عليه وهو بعرفة ، قوله تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم ".
   
683 فلما غربت الشمس واستحكم غروبها ، أفاض رسول الله من عرفة إلى مُزدلفة .
   
684 صلى النبي المغرب والعشاء قصراً ثم اضطجع حتى طلع الفجر ، ثم قام فصلى الفجر ، وذلك يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر .
   
685 ثم ركب رسول الله ناقته القصواء ، فاستقبل القبلة ، ودعا الله وكبَّره وهلَّله ووحَّده ، ولم يزل كذلك حتى أسفر جداً .
   
686 وأمر رسول الله ابن عباس غداة يوم النحر أن يلتقط له حصى الجمار ، فالتقط له سبع حصيات مِن حصى الخذف .
   
687 ثم دفع رسول الله من المشعر الحرام قبل أن تطلع الشمس ، مُخالفاً للمشركين الذين كانوا لا يُفيضون حتى تطلع الشمس .
   
688 فلما أتى النبي جمرة العقبة الكبرى وقف في أسفل الوادي وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه واستقبل الجمرة وهو على ناقته .
   
689 وكان الوقت ضُحى ، فرماها رسول الله من بطن الوادي بسبع حصيات ، يُكبر مع كل حصاة منها وهو يقول : " لتأخذوا مناسككم ".
   
690 ثم انصرف النبي إلى المنحر بمنى ، فنحر بيده الشريفة ٦٣ ناقة ، وكانت النوق يتدافعن إليه بأيتهن يبدأ .
   
691 فلما فرغ رسول الله من نَحْرِ هَدْيِهِ دعا الحلَّاق فحلق رأسه الشريف . حلقه مَعْمَرُ بن عبدالله العدوي رضي الله عنه .
   
692 قال أنس : لقد رأيت رسول الله والحلاَّق يَحْلقه وأطاف به أصحابه فما يُريدُون أن تقع شَعْرة إلا في يَدِ رجل . رواه مسلم .
   
693 فلما فرغ النبي من حلق رأسه الشريف لبس القميص ، وأصاب الطيب ، طيبته عائشة رضي الله عنها .
   
694 ثم ركب فأفاض بالبيت قبل الظهر فطاف طواف الإفاضة على راحلته كي يراه الناس ، وليُشرف ، وليراه الناس .
   
695 ثم أتى زمزم وشرب منها ، ثم رجع إلى منى مِن يومه ذلك ، وكان رسول الله يأتي الجمار في أيام التشريق الثلاثة بعد الزوال .
   
696 وختم رسول الله حجته المباركة بطواف الوداع ، وقال للناس : " لا يَنفرنَّ أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت ". متفق عليه .
   
697 ثم رجع النبي إلى المدينة وقد استصحب معه شيئا من ماء زمزم ، فهذه حجة النبي مختصرة جداً ، التي عُرفت بحجة الوداع .
   
698 في يوم الإثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة ١١ هـ أمر النبي الصحابة للتجهز لغزو الروم ، وأمَّر عليهم أسامة بن زيد .
   
699 كان عُمُر أسامة رضي الله عنه ١٨ سنة وفي جيشه كبار الصحابة كعمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهم .
   
700 وقد تكلم الناس في إمْرَة أسامة رضي الله عنه لحداثة سِنِّه ، فلما بلغ النبي ذلك قام في الناس خطيباً كما سيأتي .
 
   
701 ولما تكاملت الدعوة ، وسيطر الإسلام على كل الجزيرة العربية ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، أحس النبي بدُنُوِّ أجله
   
702 علامات دُنُوِّ أجل النبي : ١- نزول سورة النصر  ٢- مدارسته القرآن  ٣- اجتهاده في العبادة  ٤- مضاعفته اعتكاف رمضان .
   
703 بدأ مرض النبي الذي قبضه الله فيه في أواخر ليالي صفر ، وكانت مدة مرضه ١٣ يوم ، وأول ما بُدئ به من مرضه الصُّداع .
   
704 وكان النبي عند عائشة رضي الله عنها لما بدأ معه الصداع في رأسه ، ثم إنه أراد أن يطوف على أزواجه .
   
705 فلما وصل إلى بيت ميمونة رضي الله عنها اشتد به المرض ، فاستأذن رسول الله أزواجه أن يُمرض في بيت عائشة ، فأذنَّ له .
   
706 اشتدت وطأة المرض على رسول الله وهو في بيت عائشة رضي الله عنها ، وبدأت الحُمَّى تشتد عليه ، وارتفعت حرارة جسمه .
   
707 قال أبوسعيد الخدري : يارسول الله ما أشدها عليك - أي الحمى - فقال : " إنا كذلك يُضعَّف لنا البلاء ويُضعف لنا الأجر ".
   
708 وكان رسول الله يُصلي بالناس ، فلما اشتد عليه المرض لم يستطع الخروج إلى المسجد ، فأمر أبا بكر الصديق يُصلي بالناس .
   
709 أحس النبي بِخِفَّة ، فخرج إلى المسجد مُتوكأ على الفضل بن العباس ، وصعد المنبر ، وخطب الناس وهي آخر خطبة خطبها .
   
710 فذكر في خطبته فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وفضل الأنصار وأوصى بهم  ، وفضل أسامة بن زيد وأنه أهْلٌ للإمارة .
   
711 وقع في دلائل النبوة للبيهقي أن رسول الله عرض نفسه للقصاص في خطبته ، وهي رواية لا تثبت إسنادها ضعيف جداً .
   
712 وحَذَّر النبي أمته من أن يتخذوا قبره مسجداً ، وأخبرهم أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .
   
713 قال رسول الله : " اللهم لا تجعل قبري وثناً ، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم عيدا ". رواه أحمد .
   
714 قال ابن القيم : هذا نَهْيٌ منه لأمته أن يجعلوا قبره مجتمعاً كالأعياد التي يقصد الناس الاجتماع إليها للصلاة .
   
715 ولم يزل النبي حريصاً على أن يُصلي بالناس في المسجد مع ما به من شِدَّة الوجع حتى غلَبَهُ المرض ، وأعجزه عن الخروج .
   
716 فعندها أمر النبي أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يَؤُمَّ الناس في الصلاة ، كما روى ذلك الشيخان في صحيحيهما .
   
717 قبل وفاته بثلاثة أيام أوصى النبي أصحابه بحُسن الظن بالله ، فقال : " لا يموتن أحدكم إلا وهو يُحْسن الظن بالله ".
   
718 قال الإمام النووي : في هذا الحديث تحذير من القُنُوط ، ومعنى حسن الظن بالله تعالى ، أن يظن أنه يرحمه ، ويعفو عنه .
   
719 وقبل وفاته بيومين ، وَجَدَ النبي من نفسه خِفَّة ، فخرج يُهادى بين رجلين ، ورجلاه تخُطَّان في الأرض من شدة المرض .
   
720 وإذا بأبي بكر يُصلي بالناس فلما أحس أبو بكر به أراد الرجوع فأشار إليه النبي أن مكانك ، وجلس عن يسار أبي بكر .
   
721 أما صلاة عمر رضي الله عنه بالناس ، وقول النبي : " يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر ". فهو حديث ضعيف رواه أحمد وغيره .
   
722 ولما كان يوم الأحد قبل وفاة النبي بيوم اشتد به المرض ، فوصلت الأخبار إلى جيش أسامة رضي الله عنه فرجع إلى المدينة .
   
723 بات النبي ليلة الإثنين دَنِفاً - يعني اشتد مرضه حتى أشرف على الموت - فلما طلع الفجر أصبح مُفيقاً .
   
724 فكشف رسول الله ستر حُجرته ، ونظر إلى الناس وهم صفوف في الصلاة خلف أبي بكر الصديق ، فتبسم لِمَا رأى من اجتماعهم .
   
725 قال أنس : كأن وجهه  وَرَقَة ُمُصْحف - هو عبارة عن الجمال البارع - فهممنا أن نَفْتتن من الفرح برُؤية رسول الله .
   
726 ثم أخبرهم رسول الله بأنه لم يَبْق من أمر النبوة إلا المبشرات ، وهي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن في منامه .
   
727 فلما رأى الناس رسول الله قد أصبح مُفيقا ظَنُّوا أنه قد بَرِئ من مرضه ، فانصرفوا إلى منازلهم وحوائجهم مستبشرين .
   
728 واستأذن أبو بكر الصديق رسول الله في الخروج إلى أهله في منطقة السُّنْح في عوالي المدينة ، فأذن له النبي .
   
729 فلما كان ضُحى يوم الإثنين ١٢ ربيع الأول سنة ١١ هـ ، اشتد على رسول الله مرضه وجعل يتغشاه بأبي هو وأمي الكرب الشديد .
   
730 فقالت فاطمة : واكَرْبَ أبتاه ، فقال : " لا كَرْب على أبيك بعد اليوم ، إنه قد حضر من أبيك ما ليس بتاركٍ منه أحداً ".
   
731 وبينما رسول الله يُعالج سكرات الموت ، وعائشة رضي الله عنها مُسندته صدرها ، وبين يديه إناء فيه ماء .
   
732 فجعل النبي يُدخل يَدَيه في الماء فيمسح بهما وجهه ، ويقول : " لا إله إلا الله إن للموت سكرات ".
   
733 ثم نَصَبَ يَده ، فجعل يقول : " في الرفيق الأعلى "، فَقُبض ، ومالَتْ يده ﷺ .
   
734 وفي رواية قالت عائشة : كنت مُسندته إلى صدري ، فدعا بطَسْت ، فلقد انْخَنَثَ - أي مال - في حِجْري ، فما شعرت أنه مات .
   
735 وفي رواية الإمام أحمد قالت عائشة : فبينما رأسه على منكبي إذ مال رأسه نحو رأسي ، فظننت أنه غُشي عليه .
   
736 وفي رواية أخرى قالت عائشة : قُبض النبي ورأسه بين سَحْري ونَحْري ، فلما خرجت نفسه لم أجد ريحاً قط أطيب منها .
   
737 وكانت وفاته بأبي هو وأمي ضُحى يوم الإثنين ١٢ ربيع الأول سنة ١١ هـ ، وعمره ٦٣ .
   
738 وشاع خبر وفاة النبي في المدينة ، ونزل خبر وفاته على الصحابة رضي الله عنهم كالصاعقة ، لشدة حُبِّهم له .
   
739 ودخل الصحابة على النبي في بيت عائشة ، ينظرون إليه ، وقالوا : كيف يموت وهو شهيد علينا ، ونحن شهداء على الناس .
   
740 وجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ودخل على النبي ،  فلما رآه ، قال : واغَشَيَاه ، ما أشَدَّ غَشْي رسول الله .
   
741 ثم خرج عمر من عند النبي سالاً سيفه ويتوعد الناس ويقول : والله لا أسمع أحداً يقول : مات رسول الله إلا ضربته بالسيف .
   
742 وقال أيضا رضي الله عنه : إن رسول الله ما مات ، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى ، والله ليرجعن رسول الله . يتبع ...
   
743 كما رجع موسى ، فليقطعنَّ أيدي رجال وأرجُلَهم زعموا أنه مات. وهكذا لم يتمالك عمر رضي الله عنه من هول مصيبة موت النبي .
   
744 كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه غائبا لما مات رسول الله ، كان قد استأذن النبي في الذهاب لمنطقة السُّنْح .
   
745 فانطلق أحد الصحابة إليه ، وأخبره خبر موت النبي ، وأن الناس في حال لا يعلمه إلا الله سبحانه .
   
746 فانطلق أبو بكر الصديق مُسرعاً على فرسه حتى دخل المسجد النبوي ، وإذا بالناس يَبكون ، وعُمر شاهراً سيفه يُكلم الناس .
   
747 فلم يَلتفت أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى شيء من ذلك ، ودخل على النبي وهو مُسجى على سريره ، وكشف عن وجهه الطاهر .
   
748 وقال رضي الله عنه : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم أكبَّ عليه فقبله وهو يبكي ، ويقول : طبت حيا وميتا يارسول الله . يتبع ...
   
749 والله لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتة التي كتبت عليك فقد ذُقتها ، ثم لن يُصيبك بعدها موتة أبدا ثم غطى النبي .
   
750 ثم خرج رضي الله عنه للناس ، وهم مابين منكر ، وحائر من هول المصيبة ، ورأى عمر وهو يُهدد ويتوعّد من يقول بموت النبي .
 
   
751 فقال أبو بكر رضي الله عنه : على رِسلك - يعني مهلك - ياعمر ، فأبي عمر أن يسكت فلما رآه لا ينصت أقبل أبوبكر على الناس .
   
752 وبدأ أبوبكر رضي الله عنه يخطب في الناس ، فلما سمعوا كلامه أقبلوا عليه ، وتركوا عمر رضي الله عنه .
   
753 فقال أبوبكر رضي الله عنه: " أيها الناس مَن كان يعبد محمداً فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ".
   
754 قال الله تعالى : " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ...".
   
755 قال ابن عباس : والله لكأنَّ الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه .
   
756 وأخذ البكاء والنشيج في المدينة على موت النبي ، ولم تَمر بالأمة مُصيبة أعظم من موت النبي .
   
757 فلما بُويع أبو بكر الصديق بالخلافة ، وذلك يوم الثلاثاء ، أراد آل النبي غَسْله ، واختلفوا في ذلك.
   
758 فقالوا : والله ماندري كيف نَصنع ، أنُجرد رسول الله كما نُجرد موتانا أم نَغْسِله وعليه ثيابه .
   
759 فأصابهم كلهم النُّعاس فناموا جميعا ، وسُمِع صوتٌ يقول لهم : اغْسِلوا رسول الله وعليه ثيابه .
   
760 فلما استيقظوا ، أخبر بعضهم بعضاً بالذي سَمِعوا ، فقاموا إليه ، فَغَسَلوا رسول الله وعليه ملابسه بأبي هو وأمي .
   
761 وكان الذين وَلُوا غَسْل النبي : علي بن أبي طالب ، العباس ، وأبناؤه : الفضل ، قُثم ، أسامة بن زيد ، شُقران مولى النبي .
   
762 فكان العباس والفضل وقُثم يُقلِّبون النبي ، وأسامة وشُقران يَصُبَّان الماء ، وعلي بن أبي طالب يَغْسِل النبي .
   
763 فلما فرغوا من غَسْل رسول الله كُفِّن بأبي هو وأمي في ٣ أثواب بيض ، ثم وُضِع النبي على سريره في بيت عائشة .
   
764 ثم أُذِن للناس بالدخول على رسول الله ليُصلُوا عليه ، ولا يَؤمهم أحد . وهذا أمر مُجمع عليه ولا خلاف فيه .
   
765 فلما فَرغوا من الصلاة على النبي أخذ الصحابة يتشاورون أين يدفنونه ؟؟ فاختلفوا في ذلك .
   
766 فأرسلوا إلى أبي بكر الصديق ، فقال : سمعت النبي يقول : " ماقَبض الله نَبيّاً إلا في الموضع الذي يُحب أن يُدفن فيه ".
   
767 وحُفر قبر النبي في الموضع الذي مات فيه ، وهو في بيت عائشة ، ودخل قبر النبي العباس وعلي والفضل .
   
768 ووضَع شُقران مولى النبي في قبر النبي قَطيفة - أي كساء - حمراء ، ثم أنزلوا رسول الله في قبره بأبي هو وأمي .
   
769 وكان آخر الناس عهدا بالنبي هو قُثم بن العباس رضي الله عنه ، وتم دفن النبي ليلة الأربعاء صلوات ربي وسلامه عليه .
   
770 وحزن الصحابة حزناً شديداً على وفاة النبي . قال أنس : ما رأيت يوماً قط أظلم ولا أقبح من اليوم الذي تُوفي فيه النبي .